آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 8:09 ص

دور الأسرة في تصحيح قاموس الأبناء اللفظي

ابراهيم الزاكي

ضمن سياق حديثنا عن العنف اللفظي في تربية الأبناء، وأثره في تشكيل شخصياتهم المستقبلية، أشرنا في المقالة السابقة إلى أن على الآباء الحذر من إطلاق العبارات السلبية ضد أبنائهم، والعناية في اختيار المفردات المناسبة في مخاطبتهم، وتعليمهم على استخدام الألفاظ الجميلة، وتنمية قاموسهم من الكلمات المهذبة، وتشجيعهم على انتقاء الألفاظ السليمة التي تهيئهم لاستخدامها مستقبلاً في حياتهم.

فمن غير المفيد استخدام العنف والشدة مع الطفل حين يخطئ وتصدر منه ألفاظ سيئة وغير لائقة، لما لذلك من عواقب ونتائج وآثار بدنية ونفسية وسلوكه قد تستمر معه إلى المستقبل، وتؤثر في تكوين شخصيته وتشكيلها. إلا أنه في حال صدرت منه مثل هذه الألفاظ، أو العبارات الغير لائقة، فإن من واجب الوالدين أو المربين، ليس فقط التعبير عن الاستياء من استخدام هذه الكلمات ورفضها، بل تنبيهه إلى ضرورة تجنب تكرار ألتلفظ بها، وتعريفه بمعانيها السلبية، ودعوته إلى عدم تكرارها، كونها غير مقبولة، وتتسبب في أذية الآخرين والضرر بهم.

بل من المهم أيضاً توجيه الطفل إلى ما يجب عليه فعله، والعمل على تغيير أللفظ غير المرغوب فيه مباشرة بعد صدوره منه، وتوجيهه إلى اللفظ الصحيح والمناسب، وتعليمه ألفاظاً إيجابية بديلة، وذلك بلفظ آخر إيجابي، بالإضافة إلى ترسيخ الألفاظ الصحيحة لديه، وتعليمه الكلمات الإيجابية التي تدل على الاحترام والتقدير.

غير أن تقصير الوالدين في أداء وظائفهما الأسرية غالباً ما يتسبب في ظهور السلوكيات الغير المرغوبة عند الأبناء، إذ أن هناك علاقة إيجابية بين التقصير في وظائف الأسرة وظهور العديد من السلوكيات غير المرغوبة، كالكذب والغش وغير ذلك من المشكلات الأخرى، حسب قول سعود بن عبد العزيز آل رشود، ناصحاً ”كل أب وأم أن لا يتجاهلا الدور الذي يمكن أن يفعلاه للحفاظ على أبنائهما من السلوكيات السلبية والمنحرفة، وذلك من خلال التفاعل بين أفراد الأسرة، الذي يُعد من أفضل الطرق، حيث تتمكن الأسرة من التعرف على سلوكيات الأبناء الخاطئة لتصحيحيها وتعديلها، مشيراً إلى أن نتائج بعض الدراسات كشفت بأن الأُسر التي يسودها التفاعل الايجابي أقدر على التعامل مع أبنائها في معالجة السلوكيات الخاطئة وغير المرغوبة من الأسر المُتصدّعة، مشدداً على أهمية أن تعي الأسرة الدور الحيوي والفاعل لها، فهي التي تزود المجتمع بأعضائه، وهي التي تُهيئ فُرص الحياة لهم، وهي التي تُعدهم للمُشاركة في المجتمع، وهي التي تُزودهم بوسائل التكيف مع المجتمع“.

وعليه يمكن القول بأن للأسرة دور هام في اكساب الطفل المعايير والقيم السلوكية المرغوبة، من خلال التوجيه الصحيح، أو من خلال تمثل الوالدين صورة القدوة الصالحة للأبناء، وتجسيد ذلك في أقاويلهم وأفعالهم. فالطفل الصغير مهما كان سُنُّه، خاصةً في مرحلة الطفولة، يتأثر بوالديه ويطبق ما يتعلمه منهما، بل إنه يراقبهما ويُقلدهما في كل شيء، وهو الأمر الذي يُحتم على الوالدين الابتعاد عن الإتيان بالأقاويل السلبية أمام الطفل، أو التلفظ بالكلمات السيئة في مخاطبته، حتى لا يحاكيها، ويقلدها، ويُعيد تطبيقها، والتفوه بها مع الآخرين من حوله.