آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

نقد الخطاب الشعبوي

حسن آل جميعان *

ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار أولى محاضراته لموسم محرم لهذا العام التي جاءت بعنوان الخطاب الديني بين المسؤولية والشعبوية، حيث انتقد الشيخ الصفار في خطابه تحويل المنبر الديني إلى وسيلة للإرتزاق والتكسب على حساب القيم والاهتمام بالشعارات الشعبوية على حساب المضمون، وأشار أيضا إلى أن الخطاب الديني يمتلك أهمية كبيرة في نفوس الناس وفي ذات الوقت تكمن خطورة هذا الخطاب إذا لم يتم الاستفادة منه وتوجيهه بشكل الصحيح والمطلوب، وهنا اتفق مع ما ذهب له فضيلة الشيخ.

لازال الخطاب الديني يحتل مكانة كبيرة في المجتمعات الدينية أو التي تحتل الثقافة الدينية فيها مساحة واسعة لدى الناس، مما يجعل هذا الخطاب محل تركيز لدى المهتمين به والارتقاء بمضمونه، ولا شك أن الشيخ حسن الصفار أحد أولئك الأشخاص الذي يضع مسألة نقد الخطاب الديني وتطويره نصب عينيه، وهذا واضح من خلال انتاجاته سواء المحاضرات التي يلقيها أو الكتب التي يؤلفها وكذلك في حواراته سواء على مستوى الفضائيات أو مع جمهوره.

أشرت في مقال سابق نشر في صحيفة جهينة الاخبارية أننا نعاني في مجتمعات العالم الثالث من ”أزمة خطاب“ مما يجعلنا غير قادرين على الانسجام مع الواقع المعاصر، وهذا أنتج أزمات كثيرة على واقع الفرد المنتمي لهذه المجتمعات لأن الخطاب الذي يسمعه شيء والواقع الذي يعيشه شيء آخر، وهذا سبب للكثير حالة من الغربة والضياع، نحن لا نحمل الخطاب الديني كل الأزمات التي نعيشها لكنه يحتل جزء غير قليل منها، لأنه كما أشار الشيخ الصفار في محاضرته إلى أن الخطاب الديني مهم لما يملكه من تأثير على الناس كذلك هو خطير ومدمر إذا وجه في الاتجاهات الخطأ، وهذا ما نراه بالنسبة للجماعات المتطرفة التي تمارس العنف والترهيب باسم الدين مع الأسف الشديد.

في محاضرة الشيخ الصفار ركز على نقد خطاب المنبري الشعبوي بشكل كبير، لكنني أرى أن الخطاب الديني لا ينحصر فقط في هذا الجانب بل يشمل جوانب كثيرة ومتعددة، وأعتقد أن الخطاب المنبري يستمد شرعيته وتأثيره منها خاصة فيما يتعلق بالمنهاج الدينية وكذلك الثقافة الدينية التي تشكلت مع مرور الزمن في مجتمعاتنا، وهي بكل تأكيد جزء من ذاكرة الخطيب، حيث كما يقال ”الانسان ابن بيئته“ حيث من الصعب الفصل بين البيئة والثقافة المجتمعية التي يستمد منها الفرد معارفه الأولى وهي بكل تأكيد لا تخلو من أشياء غير واقعية وهي أقرب إلى الأساطير منها للواقع.

في الختام نسأل الله أن يوفق سماحة الشيخ حسن الصفار لما فيه خير وصلاح لهذه الأمة، ويجعله الله مناراة في نشر الوعي والعقلانية والتسامح وكل ما هو نافع يجنب هذه الأمة الأزمات والشرور.