تواضع الكبير وتكبر الوضيع
بعدما اتاحت وسائل التواصل الاجتماعي للجميع الظهور والتعبير وركب الكل الموجة وانتشر الغث والسمين وأصبح حب الظهور المقصد للكثيرين صدق نفر ليس بالقليل أنفسهم باعتبارهم وصلوا القمة وباتوا متميزين لاينازعهم احد في ذلك وأصبحوا ملهمين وموجهين للآخرين بينما لايحتاجوا هم الى توجيه وساعدهم على تصديق ذلك تصفيق البعض لهم واشادتهم بهم واعطائهم مساحة لايستحقونها فادى ذلك لانتفاخهم واعتبار ابداء الملاحظات على مايقدمونه نوعا من الحسد والغيظ من انجازاتهم «كما يعتقدون».
والمفارقة هنا ان بعض العظماء حقا لم ينتفخوا ولم يشعروا بأنهم وصلوا للنهاية رغم مشوارهم المتميز واحيانا الطويل في ذلك بل يعتبرون أنفسهم قطعوا شوطا لم ولن ينتهي وانهم لازالوا بحاجة للمزيد ولازالوا بحاجة للتميز والتطور أكثر وسيستمر ذلك حتى يستلم الباري أمانته وهؤلاء هم المتواضعون وعظمتهم كما هي نابعة من اخلاصهم وتميزهم وعطائهم هي نابعة أيضا من تواضعهم.
الشيخ حسن الصفار نموذج لاولئك الكبار رغم استصغاره لذاته واعتباره نفسه كما يردد هو مجرد طالب علم صغير مع ماقدمه على مدى سنوات طويلة من معرفة وفكر مستنير تتلمذ عليه عدد لايحصى كما قدم خدمات جليلة في سبيل تقدم المجتمعات سياسيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وبصمته لاينكرها قاص أو دان كما أنه أول من أسس موقعا الكترونيا لحملة الفكر الديني في المنطقة ومواقفه الوطنية والوحدوية بارزة وواضحة وحياده وتجرده للحقيقة دون تأثر بخلفية مذهبية من النادر أن نجدها لدى غيره.
هذه الكلمة لم تكتب للاشادة بالشيخ الصفار وانما ذكر كمثال فقط حيث أن الزمن الذي نعيش فيه يشهد تحولات دراماتيكية سريعة متزامنة مع التطور التقني الهائل فسابقا كان تأثير التكبر ضمن محيط محدود يرتبط بالمحيطين والمتعاملين مباشرة مع المتكبر أو من يصادفه الالتقاء به أما الآن فشئت أم أبيت سينالك تأثير تكبره وستراه وتلمسه لانك جزء من عالم افتراضي كبير لا حدود له فاما انك ستقرأ حتى لو لم تتعمد البحث والاطلاع أو أنك ستشاهد او تسمع أو ذلك كله الا لو لم تكن من مستخدمي التقنية أصلا.