آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 8:09 ص

ولادة عام

محمد أحمد التاروتي *

يطل عام هجري على العالم الإسلامي، ليعلن بشكل رسمي طَي صفحة السنة السابقة، بما تحمل من افراح ومآسي، سجلتها صفحات العام الفائت، سواء الصعيد الفردي، او الاسري، او الاجتماعي، او الدولي، خصوصا وان السنة المنصرمة حفلت بالكثير من الأحداث، بعضها يدخل البهجة في النفوس، والبعض يولد الحسرة والندامة.

المرء مطالب بالتمسك بأهداب الامل، وطرد اليأس، من اجل خلق الظروف المناسبة، لإشاعة الفرح، وتحويل المآسي الى بهجة وسرور، خصوصا وان سيطرة اليأس يمنع من الانطلاق نحو فضاء الإبداع، والانعتاق من قيود الذات، مما يحول بينه وبين ما يحقق السعادة البشرية، لذا فان التفاؤل يمثل الحل الانجع في الظروف القاهرة، فالاستسلام للعراقيل على اختلافها مرض خطير، فالحالة السلبية لا يصيب فرد دون اخر، بل تنتقل عدواها للمجتمع، مما يجعله في حالة تقهقر، وتخلف، وعدم القدرة على النهوض، وكسر القيود على اختلافها.

العام الجديد فرصة سانحة لنفض غبار اليأس، وسيطرة النظرة السلبية، خصوصا وان الحياة ميدان اختبار للمرء، ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ، وبالتالي فان امتلاك الأدوات اللازمة، لأداء الامتحان بشكل سليم، وتجاوز المحطات الصعبة، امر مطلوب في جميع الظروف، بمعنى اخر، فان التسلّح بالامل، ومحاولة التحرك باتجاه تحويل الإحباط الى وقود، لمواصلة مشوار العطاء، امر بالغ الأهمية، سواء على الصعيد الفردي او الاجتماعي او البشري، لاسيما وان الانسان يمتلك من القدرة ما يؤهله، لتحويل الرماد الى لوحة جميلة، تشع منها الحياة، وتبعث في النفوس الراحة والاطمئنان.

التعامل مع العام الجديد بطريقة تقليدية، لا يخلق فوارق لدى الانسان، اذ سيكون كغيره من الأعوام السابقة، فالمرء بامكانه تحويل محطة السنة الجديدة، الى نقطة انطلاقة عبر المزيد من الاعمال، والإنجازات الكثيرة، خصوصا وان المنجزات تمثل العلامة الفارقة بين البشر، فالبعض يولد ويموت، دون ان يقدم شيئا نافعا للبشرية جمعاء، فيما للبعض يحرص على حفر اسمه في سجل التاريخ، من خلال تقديم إنجازات علمية، تخدم الإنسانية سواء في المجال الطبي، او العلمي، او غيرها من الخدمات الجليلة.

العام الجديد ليس آلة حاسبة، لتسجيل الأرقام، بقدر ما يمثل شريط ذكريات، فالأعوام تحمل في طياتها مختلف الأحداث، فالبعض من الاحداث تذهب بدون رجعة، ولا يمكن تسجيلها في الذاكرة البشرية، فيما تحفر بعض الأحداث اسمها في ذاكرة التاريخ، على مرور العصور والدهور، كونها محطات ذات الأثر الكبير على مستقبل البشرية جمعاء، ولعل تخليد السنة الهجرية، يعبر عن ابرز حدث حفرته ذاكرة التاريخ، على مدى 1400 عام، فتلك الحقبة الزمنية سجلت إنقاذ البشرية، من الظلام الى النور على يد سيد الكون، ومنقذ البشرية من عبادة الأصنام، الى رحاب عبادة الخالق، فقد ساهمت الرسالة الإسلامية، في احداث زلزال اجتماعي كبير، في مجتمع شبه الجزيرة العربية، على يد رسول الإنسانية، الامر الذي ساهم في تسجيل السنة الهجرية، في سجل الأحداث الخالدة، والتي ستبقى عنوانا صارخا، على عظمة الرسول محمد ﷺ.

يبقى الرسول ﷺ شمعة مضيئة، تشع للبشرية على مر العصور.

كاتب صحفي