الصداقة والسلوك
في عالم الحياة، تتعثر أحياناً ضالتنا إلى الفكرة والطريق المستقيم الذي نجاهد أن نكون فيه كي نستعيد وعينا وقراراتنا وتحمل المسؤولية التي تستدعي أن نكون صامدين في وجه الرياح التي لا تأبه أن تكون معك؛ بسبب خلل ما تعثر قراره، أو خطأ بشري قادر على طحن فكرك في دقائق أو أيام عدة، إذا لم نكن محصّنين في هذه الأوقات العصيبة مع أصدقاء يكون ظلهم معك وأنت معهم للتذليل والرؤية التي طالما تقف حاجزاً أثناء ذلك الحدث. وهناك بعض الناس من يؤمن بالتنظير في عالم اليوم في مفهوم الصداقة ولكنهم فعلياً لا تتفاعل نقاط فعلهم معك في ذلك الموقف، ربما يكون في ذلك القاع لا قدر الله له.
ونتائج البشر من فعل وسلوك مبنى أحياناً على السلوك الثقافي أو الاقتصادي أو السياسي أو الديني مثالاً الذي هو بنية المجتمع الذي يحث على الفضيلة والعون والمساعدة والترابط الاجتماعي، وغالباً ما يكون بإمكاننا أن نستشعر أو نستشف أصالة أو زيف الإنسان المتديّن أو صدقه أو نفاقه في الأفعال والتناقض الذي يتحلى به أثناء العام محاولاً إثبات سلوكه الوجودي الفعلي في المناسبات الدينية الشعائرية، وبعدها ينتهي ذلك الوميض بالتحول «shift» وهو التناقض ليبدأ في السنة القادمة من جديد هذا للبعض.
وعودة إلى الصداقة، وهي الجوهر الذي نمتلكه بفعل قيمة التديّن المحافظ على القيم التي ولدنا عليها قبل أن نكتسبها من محيطنا الإنساني والديني الذي يفترض أن يكون منهج حياة فعلي طبيعي تجذّرت بعد المبادئ التي آمن بها بأننا أفضل البشر في هذه الأرض، تتحول إلى ثقافة ونسيج اجتماعي معين بفعل المكتسبات والإرث الذي شكل هويتنا الحقيقية، وبناءً عليه، تتشكل صداقات بين البشر حيث تنقسم إلى ثلاثة أقسام حسب تصنيف الفلاسفة:
1. المنفعة، تنتهي بانتهاء المصلحة ولا تسبب أيّ شعور بالألم.
2. اللذة، وهو شائع بين الشباب/ الشابات بسبب عواطفهم ومشاعرهم التي تقودهم إلى الشعور الجنسي.
3. الخير، هي الصداقة الحقيقية التي تجمع المحبّة والعطاء بين عدة أشخاص أو مجتمع، لكن سوف أضيف بندًا آخر، وهي العاطفة التي يملكها الوالدين في تربيتهم لأبنائهم منذ الولادة إلى البلوغ، في العطاء وتربية السلوك بحكم الغريزة التي تفترضأنّ الفضيلة هي السعادة لأبنائنا، لكن الموروث يلعب الدور الأكبر في السلوك والتصرف على أساس القيم التي اكتسبت أو بحكم القراءة التي تحث على تنمية السلوك في حياتهم القادمة، ولكن لا يتحقق العطاء إلى الأبناء إلا ببذل الجهد في أن تكون صديقًا حقيقياً بينهم، حينها تختصر أغلب الإشكالات التي يتعرضون لها.
حقيقة، أغلبنا مقصّرون في الوصول إلى ذواتهم والتعرف على احتياجاتهم النفسية والروحية والعاطفية، وهذا بسبب جهلنا أحياناً في تطوير أساليب العطاء لهم، ولكن أسفي عندما رأيت تلك الفتاة تقذف من قبل والدتها في أحد المجمعات التجارية أمام الناس بصوت يسمعه البعيد قبل القريب، ولكي أتجنب ذكر الكلمات التي تفوّهت بهاتلك المرأة، أنقل لكم تعريف القذف في اللغة: والقذف أيضًا بالمعنى الاصطلاحي في علم الفقه بمعنى: الرمي بالزنا أو اللواط، أو الاتهام بالفاحشة، بقول الشخص لغيره يازاني، أو يالوطي، أو يا بن الزنى...
لو كانت هناك صداقة حقيقية لما تحقق هذا الفعل من أمٍّ قادتها العصبية إلى الفعل الذي زرعته في كيان هذه الإنسانة التي بطبعها سوف تكون أمًّا في يومٍ ما تربي جيلاً آخر، وما يترتب عليه من ألم يحتاج إلى علاج نفسي طويل ربما، ومن هنا نستنج بأن الفعل الذي أقدمت عليه الأم هو اضطراب نفسي بسبب التربية الخاطئة التي تلقتها الأم في طفولتها والذكريات السيئة التي تختزنها، تؤثر بشكل كبير على علاقتها بابنتها؛ لأنّ فاقد الشيء لا يعطيه، فالأم التي حصلت على معاملة بقسوة في مختلف مراحل عمرها، قد لا ننتظر منها أن تعامل ابنتها معاملة حسنة، إلا إذا حاولت القفز فوق كلّ هذه المراحل، حتى لا تنقل الخبرات السيئة لابنتها.
هذا بالإضافة إلى أنّ هناك أمهاتٍ يفتقدن للثقافة التربوية الصحيحة التي تؤهلهنّ للتعامل مع بناتهنّ بشكل صحيح، ليس لأنهنّ أميّات، وإلا لما كانت أمهاتنا أنجح الأمهات في تربية الأبناء، وإنما لأنّ المرأة الحديثة، التي تخصّصوقتاً طويلاً لمشاهدة التلفزيون والتحدث في الهاتف والتسوق، لم تُعْطِل لنفسها الوقت لتعلم بعض الأمورالتربوية المفيدة، ومن هنا نستنج أنّ مفهوم الصداقة أسمى من كل الحكايات التي وصلت إلينا، وهي الروح التي ولدت وانسجمت مع الروح الأخرى.
طاب يومكم سيداتي سادتي...