آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 1:42 ص

طموح المنبر بين الخطيب والمستمع

الشيخ حسين المصطفى

1 - 5: من الضروري أن نعي بأنّ القضية الحسينية قضية متحركة في تعبئة الجماهير؛ لأنّها قضية إسلامية، لا بد أن يتزاوج فيها العقل والعاطفة.. كما أننا نحتاج إلى البراهين العلمية وإلى الجو العلمي من أجل تنمية الأفكار في عقولنا، نحتاج كذلك إلى الأساليب العاطفية من أجل تعميق العاطفة في إحساسنا ومشاعرنا.

2 - 5: التجديد هو سمة الحياة، والمنبر الحسيني لا ينفك عن هذه السمة، ما دام كل ذلك يدخل تحت العنوان الكبير ”أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا“ فالأئمة لم يريدوا للمنبر أن يكون مجرد إثارة للعاطفة بل أرادوه ليرتفع بمستوى الناس، ويعطيهم العزة والحرية والكرامة والوعي. فسأل أبو الصلت الهروي الإمام الرضا : كيف يُحيى أمركم؟ قال : ”يتعلّم علومَنا ويُعلّمها الناس؛ فإنّ الناسَ لو عَلِموا مَحاسِنَ كلامِنا لاَتَّبَعُونا“، فقال أبو الصلت: يا ابنَ رسول الله، فقد رُويَ لنا عن أبي عبدالله «الصادق» أنّه قال: ”مَن تَعلَّم عِلماً ليُماريَ به السفهاء، أو يُباهيَ به العلماء، أو لِيُقبِل بوجوه الناس إليه، فهو في النار!“؟ فقال الإمام الرضا : ”صَدَق جَدّي ، أفَتَدري مَنِ السفهاء؟! هُم قُصّاصُ مُخالِفينا، والعلماءُ هم علماءُ آل محمّد، الذين فَرَض اللهُ طاعتَهم ومودّتهم، ومعنى لِيُقبِلَ بوجوه الناس إليه، ادّعاءُ الإمامة بغير حقّها، فمَن فعَلَ ذلك فهو في النار“ «عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ج 1 ص 307 حديث 69». فلا بدَّ من العمل على محاولة تطوير المنبر الحسيني بما يتفق مع متطلبات العصر الحديث فعلاً، فهو بصيغته السابقة قد لبّى بعض متطلبات المرحلة السابقة، لكن في وقتنا هذا لا بد من وقفة متأنية لبيان بعض سلبيات وضعه الحالي، واقتراح بعض الوسائل المساعدة لتلبية احتياجات المتلقين في هذا الوقت.

3 - 5: من الضروري أن يعي المخاطَب أننا أمرنا بتذكر التأريخ لنعتبر به ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ «الحشر: 2»، وهناك فرق بين منبر يريد أن ينقل التاريخ ليثير الأحقاد من خلاله دون قضية، وبين أن ينقل التاريخ لتعتبر به ولتأخذ منه التجربة والفكرة ولتدخل في مقارنة بين حركته في تلك المرحلة وحركته في هذه المرحلة. ولذا فإنّ روتين المحاضرة الحسينية الحالي ليس طقساً مقدساً بحيث لا يمكننا تجاوزه، فالأسلوب الحالي للمحاضرة ما هو إلا أسلوب حديث نسبياً، وهنا لا بد من الاعتراف بأنّ هذا الأسلوب قد حقق أهدافه لمرحلة تاريخية معينة، لكن الزمن لا يعترف بالتوقف ضده، بل إنّ الزمن يحترم من يسايره يداً بيد.

4 - 5: هناك أمر لا بد من توضيحه، وهو يتعلق بالهوة المعرفية التي تفصل بين الطرفين في هذه العملية الاتصالية الجماهيرية الهامة، فالمنبر الحسيني بطريقته الحالية لم يهتم بهموم الشباب، ولم يحاول خطبائنا أن ينزلوا من منابرهم لأرض الواقع، ليروا قضايا وهموم الشباب المعاصرة، بل إنّ معظم ما يطرحون يقدمونه من وجهة نظر تقليدية متزمتة، بدون انفتاح على أهم عنصر في المجتمع وهو رجال المستقبل.

5 - 5: الكثير من الشباب المثقف يذهب للمجالس الحسينية ليس من أجل الثقافة الدينية أو المعرفية، وإنما من أجل نيل الثواب المكتسب من وراء عملية المشاركة في هذه المجالس، ولما يتشح به أجواء محرم من حماسة دينية، فهذه من الإيجابيات التي لا بد من استثمارها فعلاً.