قد يسقط أطفالنا ضحايا بسبب من نثق بهم
عالم الاطفال عالم مليء بالمرح والفرح، مفعم بألوان قوس قزح والحكايات الخرافية ذات النهايات السعيدة والتي تطير بالطفل من عالمه إلى عالم أكثر سعادة وجمالاً وعدلاً من عالمه الحقيقي، لكن ليس فقط الواقع ممتلئ بالحزن والتعاسة، فكثير من قصص الأطفال مليئة بجرائم زوجة الأب، الساحرات والوحوش والأباء والأمهات اللذين لم يتورعو عن القتل والخطف وإرتكاب جرائم متعددة في حق الأطفال. وبالرغم من أن النهايات في القصص الخيالية دائماً سعيدة إلا أنها في الواقع قد تنتهي بنهايات أكثر ألماً وقسوة ولم تكن تلك القصص الخيالية سوى رمز يمثّل واقع وضعف حيلة الأطفال اللذين تعرضوا للعنف من أقرب الناس إليهم.
وقد نصّت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في مادتها الأولى على تعريف الطفل بأنه ”كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه“. كما نصت الإتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الطفل على أن الطفل في هذا السن يكون مستقبله ورعايته والعنايه به تحت تصرف ورعاية والديه وهما المسؤلين قانونياً وإجتماعياً عن إدارة شؤونه طالما أنه لم يبلغ السن القانوني، وقد حثت على عدم الإساءة إلى الطفل وعدم تعريض سلامته النفسية والجسدية للخطر.
وقد صُنّفت الإساءة للطفل إلى عدة أنواع وهي: العنف الجسدي - العنف النفسي - التحرش الجسدي - الإهمال.
والعنف الجسدي هو: الإساءة المتعمدة وغير المبررة للطفل والتي تسبب له المعاناة والالم، أو أي فعل يؤدي إلى ايذاء الطفل بشكل مقصود كالشروع في القتل او القتل او الضرب المبرح، الخنق، الحرق، استعمال أدوات حادة مما ينتج عنه اصابات جسدية خطيرة او نتائج سيئة، وهذه كلها جرائم يعاقب عليها القانون في كل الدول المتقدمة.
وتزداد خطورة العنف على الأطفال عندما يكون الطفل بعيش في دول ليس من أولوياتها حماية ورعاية الطفل لدرجه أن لايتم تسجيل حالات العنف الجسدي على الطفل عن طريق الأطباء أو لايتم التحري عن أسباب موت الطفل المفاجئ وتمر حوادث موت الأطفال في بعض دول العالم الثالث مرور الكرام.
وهناك متلازمة تسمى بمتلازمة الطفل المضروب battered child وهي عباره عن طفل يعاني من آثار إصابات خطرة ومتكررة على الجسم قد تشمل إصابات الجلد والعظام والجهاز العصبي تظهر على شكل آثار كدمات وحروق وكسور وإصابات في الرأس والجمجمة وتكرر الإصابة بالإلتهابات وإصابات وتمزقات في الأعضاء والأحشاء الداخلية.
كما تزداد الخطورة في الدول التي يشرع فيها القانون لكلا الوالدين أو أحدهما إستعمال العنف لتأديب الطفل كالضرب والكي وقد يؤدي العنف إلى القتل كل ذلك بقصد معاقبة الطفل وتأديبه بدون أن يلقى المعتدي العقاب الرادع بسبب قرابته من الطفل الضحية.
أما العنف النفسي فقد حدده الأطباء والباحثون إلى أنواع كثيرة ومتشعبة منها: الصراخ على الطفل - الحبس او التهديد بالحبس - عزله أو التسبب في نبذه - إرعاب الطفل كتخويفه بالجن والأشباح وغيره - السلوكيات المهيمنة كمنعه من التواصل مع أهله أو مع أحد الوالدين في حال الطلاق - فرض السيطرة عليه - تدمير ممتلكاته - معايرته أو أن تقول له مايكره، السخريه منه، تسميته بأسماء يكرهها أو السب والشتائم، والإهانات. كما تسببت التكنولوجيا الحديثة بظهور أشكال جديدة للعنف النفسي، وذلك عبر الرسائل الإلكترونية والتنمر عبر وسائل التواصل الإجتماعي والإنترنت على أن يكون ذلك العنف اللفظي سلوك دائم وليس حدثاً منفرداً من الوالدين.
امّا التحرش الجنسي فهو إقامه علاقه أو سلوك أو إيحائات جنسيه مع طفل صغير أو غير بالغ، ومن دلالته الجسدية هو إصابة الطفل بإلتهابات أو جروح وتقرحات في الأعضاء التناسلية «آلام في البطن، إمساك، تكرر إلتهابات المسالك البولية»، كذلك بعض العلامات السلوكية مثل الخوف، القلق، اضطرابات النوم، الكوابيس، البكاء المتكرر بدون سبب، الحزن، العزلة، رفض البقاء منفرداً مع شخص كان معتاداً على البقاء معه سابقاً، تصرفات جنسية تدل على إنفتاحه ومعرفته بالعملية الجنسية وكيفية ممارستها أو محاولة تطبيقها على الأطفال الآخرين. ويمر الطفل بعدة مراحل من الخوف والرعب والقلق والاضطراب والتردد قبل أن يعترف لأهله بما يحدث له من تحرش أو إغتصاب.
وبقي الإهمال حيث يتضمن مفهومه عدم وجود شخص مسؤول عن رعاية الطفل وتربيته وسلامته العامة، كما يشمل الفشل المستمر في تلبية احتياجات الطفل الأساسية مما تؤدى إلى وهن خطير في الصحة والنمو ويترك أثره على صحه الطفل الجسدية والنفسية، كما يشمل مراقبة الطفل والإشراف عليه والفشل في تلبيه تلك الإحتياجات يعد نوع من الإساءة المتعمدة للأطفال والتي قد تستدعي في بعض البلدان نزع الطفل من والديه وإعطائه إلى آخرين قد يكونوا أكثر حرصاً وإهتماماً بذلك الطفل من والديه الحقيقيين.
ويتراوح إهمال الأطفال بين الإهمال المؤقت إلى الإهمال المزمن، كما يشمل الإهمال:
- عدم علاج الأطفال عند المرض.
- اهمال التطعيمات الأساسية.
- الإهمال في تعليم الطفل.
- ترك الأطفال وحدهم مع الخدم والسائقين.
- السفر عن الأطفال وتركهم مع من لايوفر لهم العناية.
- عدم توفير الغذاء لهم.
- إعطاء الأطفال الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية في سن مبكر جداً بدون رقابة، ممايجعلهم عرضة للتحرش الجنسي ومشاهدة الافلام الإباحية والتعرف على الجنس في سن مبكر جداً، وكذلك التعرض والدخول في مناقشات وصراعات في مواقع التواصل الإجتماعي مع أفراد وجماعات طائفية، مذهبية، إرهابية. كثير من الإستشارات تصلني تطلب حلاً لطفل أدمن ألعاب الفيديو أو أدمن مشاهدة الأفلام الإباحية من سن مبكره جداً قد تصل إلى 6 سنوات «أي مقارب الصفوف المدرسية الدنيا أو مرحلة الروضة»، وقد أدمنوا ذلك بسبب إعطاء الطفل الأجهزة الذكية مع انعدام التحكم والتوجيه والرقابة وكثرت فيه مشاغل الوالدين وضاقت أخلاقهم عن تحمّل إزعاج وحركة وفوضى لعب الأطفال فأصبحت الأجهزة الذكية هي الأنيس والصديق الصدوق للأطفال.
- إستغلال الطفل للحصول على المال كما يحدث لدى المتسولون اللذين يستغلون الأطفال لإثارة شفقة الناس والحصول على المال ولا أعلم أين الجهات المسؤولة عن حقوق الطفل لمنع ومحاربة هذه الظاهرة، وكذلك الزج بالطفل منذُ صغر سنه في عالم الشهرة ووسائل التواصل الإجتماعي للحصول على المال وإستغلال شهرته في التناحر والتقاتل بين الوالدين للحصول على كفالته والحصول على أمواله.
- عدم حماية الطفل مما يتعرض له من تحرش جنسي حيث أن بعض الأطفال يشتكون لأبائهم وأمهاتهم تعرضهم للإغتصاب أو التحرش الجنسي من قبل السائق أو أحد الأقارب مثلاً فلا يصدق الطفل في كلامه ولا يأخذ كلامه على محمل الجد بل قد يضرب ويتم إسكاته لكي لايتكلم بحجة أنه كاذب أو خوفاً من العار والفضيحة، ولايقوم الوالدان بواجبهما في حمايه ذلك الطفل المسكين الذي لاحول له ولاقوة. ويستمر مسلسل التحرش به إلى مالا نهاية....
كما أن كثير من الآباء والأمهات لا يتوقعون أن يتم التحرش بأطفالهم سوى من الرجال أو من الشخص الغريب وهذا غير صحيح، فقد يتعرض الطفل للتحرش الجنسي من قبل إمرأة قد تكون من محارمه أو من يقوم بتدريسه أو خادمة في البيت أو من أحد أقرب أقاربه المقربين كالأب، الأم، زوج الام، أخت، أخ، خال، عم، صديق العائلة، أو أياً كانت قرابته،
فلا يزول خطر التحرش بسبب قرابة الشخص للطفل أو كون الشخص الغريب إمرأة.
وهنا.. لا أدعو إلى فقدان الثقة بمن حولنا لكن نحن لا نترك مجوهراتنا ولا أموالنا أمانة لدى أحد، بل نودعها في البنك، وهو المكان الآمن فكيف نترك أولادنا وهم أعز مانملك أمانة لدى أياً كان؟!! لذا.. المطلوب منّا هو الحذر وتثقيف الطفل عما قد يصيبه من تحرش جنسي منذُ أن يبدأ يفهم ويعي مايقول، فالتحرش الجنسي بالطفل ليس له سن فهناك من يتحرش حتى بالرُضّع.