آخر تحديث: 20 / 9 / 2024م - 9:10 م

مثقفون: مهرّجو ”التواصل“ وراء ”وهم الشهرة“.. ويسيئون للمجتمع

جهات الإخبارية جمال الناصر، نورة الشيخ - القطيف

تشكل ظاهرة حب الظهور على حساب المبادئ والقيم بوجود الفضاء الواسع في مواقع التواصل الاجتماعي ثقافة سلبية، أخذت مداها لتجعل المجتمع يعيش في قوقعة لا سبيل للخروج منها إلا بغرس الثقافة السليمة المبنية على القيم الإنسانية والأخلاقية لزرع الوعي في أوساط المجتمع ومكوناته.

بدورها، استقرأت ”جهينة الإخبارية“ اللغة الأخرى التي تدعو لتجاهل لغة المشاهير الزائفة.

حب الظهور والشهرة

وقالت الإعلامية شادن الحايك أن كل مجتمع يصنع ظواهره بتوجهه وتفكيره وتعاطيه مع مجريات الأمور من بينها حب الظهور والشهرة، مضيفة: ”نحن من نضع المقاييس للشهرة وليس هذا أو ذاك من المشاهير، لا تجعلوا من الحمقى مشاهير“.

ونوهت إلى أن المعارض بات مع كل فكر مجتمعي أصيل ما عليه إلا أن يكون عكس فكر مجتمعه أو يبتدع سلوكًا أو فكرة شاذة عن المجتمع، حتى يكون مشهورًا ويحظى بالمتابعة.

وقالت: ”بعض الأمور حين السكوت عنها تموت في مكانها، كإعصار بحري واجه ممرًا ضيقًا ليلقى حتفه، ونحن كمجتمع نفسح المجال لمرور الإعصار بتناقل الفكرة عبر شخصياتها“.

وأضحت أن البعض يعمد لأن يكون في اتجاه العكس لأنه على يقين بأنها طريقة للشهرة حيث سيواجه الشتم وتنتشر مقولاته من باب الاستنكار، ومن ثم يواجه من يستنكر ومن يؤيد.

وأشارت إلى أن صغار السن تغيير مسار تفكيرهم سهل جدًا ليؤسس لنفسه حزب دفاع ومعارضة، ويتولى الحزبين الاقتتال، مضيفة ”لا ألوم المشاهير بل ألوم المجتمع“.

المشاهير السلبيين

وذكرت أن مواقع التواصل الاجتماعي عززت موقف المشاهير السلبيين، لافتة إلى أن جملة ”طيب ما تحبني لا تتابعني“ يطلقها المشاهير لمن يستنكر عليهم ما يفعلونه، مؤكدة انها حقيقة صادقة لأبعد حد.

وقالت: ”رفعنا نسبة متابعات من نكره تفكيرهم ونشرنا حساباتهم من باب التحذير بدلا من تجاهلهم“.

وأضافت: ”من الإجحاف أن تلام الأسرة والأصدقاء، لأننا أمام عالم مفتوح، والتربية والتوجيه يتولاه كل ما حولنا، نحن في حرب حقيقية نواجه فيها الكثير لإعداد جيل واع، ومحاصرة كل السلبيات يتطلب جهدًا مجتمعيًا“.

نموذج للتوعية

وتابعت: ”نحتاج لنماذج تتولى التوعية وفق ما يريده المجتمع من طرح، فقد سئم المجتمع والجيل الجديد من الطرح الجاف والتوجيه القاسي“.

وبينت ان من يستهويه الظهور على أكتاف الآخرين وحساب مجتمعه، فأنه سيقود المجتمع الآن ولكن المجتمع سيقوده إلى الهاوية وإن طال وجوده كبطل البدايات الخاطئة.

الغرور والتكبر

وأوضحت الناشطة الاجتماعية فوزية آل مبارك أن طبع الإنسان ميال إلى حب الظهور والشهرة ونفسه دائمًا تواقة إلى أن يشار له بالبنان، وهذا لا يعاب إذا كان في نطاق اللا مبالغة، التي تجعله يصاب بالغرور والتكبر ليؤدي إلى النرجسية.

وقالت: ”إن خير الأمور أوسطها فهي القاعدة المنصفة بين البشر“.

ونوهت إلى أن النظرة الإنسانية للأديان تحث الفرد على التحلي بالقيم الأخلاقية السلوكية في التعامل من خلال التواضع، مؤكدة أنها قيمة إنسانية للتواصل النقي بين الأفراد.

وأضافت: ”من يسعى للشهرة سعيًا ذاتيًا بلا توازن يصاب بنرجسية عمياء، باحثًا عن الناس ليصفقوا له ويمدحونه في كل محفل ليرضي غروره“.

السوشل ميديا

وأشارت إلى أن الكثير في أجواء السوشل ميديا سهلت لهم الطريق وأعطتهم الفرصة لإيصال أفكارهم غير المناسبة لمجتمعهم دينيًا وعرفيًا، مهووسون بالشهرة ويبحثون عن الظهور والفلاشات الزائفة وكلمات الإطراء من هذا وذاك، ليبرزوا ذاتهم ويحصلون على متابعين كثر على حساب الآخرين، نتيجة للمصلحة الذاتية والتملق.

ووصفت مهرّجو "التواصل الاجتماعي" بالمرضى النفسيين الذين بحاجة الىعلاج سريع له ولمن يشجعه.

وقالت: ”في هذه الحالات الشاذة إنسانيًا نحتاج إلى حلول عملية، كوضع كل شخص بمكانته ويحترم كإنسان“، مفيدة أن الوعي مطلوب بين الأسرة نفسها كتعليم الأبناء قيمة الإنسان بعمله الذي يخدم به مجتمعه بتواضع وإن وصل إلى درجة علمية أو اجتماعية.

ودعت إلى عدم تداول المقاطع التي تضر بالمجتمع وتشجيع روادها، مؤكدة أن المجتمع هو المساعد الأكبر في انتشار هذه الظاهرة من خلال النشر.

التطور التقني

وبين أمين سر نادي مضر السابق حسين العنكي أن حب الظهور ليست ظاهرة جديدة، هي موجودة في طبع البشر كانت سابقًا ليست بالأمر الموجود في متناول الجميع، لافتا إلى أنها مع التطور التقني أصبح بإمكان أي شخص أن يشبع غريزته في حب الظهور باستخدامها، كذلك ظهور الأعمال الاجتماعية الكثيرة ساعدت هؤلاء بإيجاد منصة سهلة لهم، لتحقيق مآربهم.

وقال: عندما أصبحت الوسائل متاحة تسابق المفتونون بالشهرة، لعمل أي شيء حتى يكون لهم وجود في المجتمع، مما حذا بالبعض أن يزيح القيم والمبادىء جانبًا في سبيل أن يكون له ظهورًا مهمًا.

المجتمع التطوعي

وبين أن وجود هكذا شخصيات تحب الظهور والتسلق على جهود الآخرين في العمل الاجتماعي، أصبح عامل تنفير في المجتمع التطوعي وأثر على مستوى الأعمال، حيث تقام من أجل ظهور القائمين عليها بلا اهتمام لتحقيق هدفها المنشود.

وشدد على ان هذا ما يوضح انخفاض جودة الأعمال التطوعية مؤخرًا بسبب ابتعاد المخلصين وتصدر محبي ”الفلاشات“ في تلك الأعمال.

اختيار الأكفاء

ودعا المجتمع إلى التكاتف واختيار الأكفاء لإدارة الأعمال التطوعية وبذل الجهد في تشجيع المخلصين والوقوف بوجه من يتسلق على أكتاف الآخرين، مشيرًا إلى أن الأسرة والبيئة هي أساس التربية والمنوط بها تقويم الاعوجاج في المجتمع، لتكون عاملاً إيجابيًا في مواجهة هذه الظاهرة.

وقال: لمن يبتغي الوجاهة أن هناك طرق مشروعة بإمكانك سلوكها لتقدم عملاً نافعًا لمجتمعك، وإن أخلصت النية، ستجد اسمك وصورك، تتسيد وسائل التواصل برغبة من الناس لا بترويج من نفسك، موضحًا أن العمل إذا كان لله سيبقى وما كان للناس سبذهب جفاء.

الشخصيات الاجتماعية

وانتقد مفيد عبد الكريم بعض الأشخاص الذين يستغلون - السوشل ميديا - للظهور، لافتًا إلى موقف واجهه مع أحد الشخصيات الذي دار معه حوارًا بسيطًا، ليتفاجئ بوضعه في صفحته في الفيس بوك جلبًا لأكبر عدد من المتابعين أو الإعجاب.

ونصح الشخصيات الاجتماعية والثقافية بالتواضع، وقال: ”التواضع سمة رائعة وهي من تقرب الآخرين لكم، بعكس الكبرياء الممقوت الذي ينفرهم منهم“.

دور الأسرة 

ولفتت سميرة الصفار إلى أن مشكلة حب الظهور والشهرة هي من ابتلاءات هذا العصر ومتفشية في بيئة المثقفين ومن لهم أدوار اجتماعية، مبينة أن هذه الصفة فطرية من ذات الإنسان وتكون سلبية إذا جاءت من خلال التسلق على جهود الآخرين، مؤكدة أن الأسرة لها دور توجيهي فعال لكسب التواضع.

وأكدت ان قنوات التواصل الاجتماعي، لها دور كبير في تلميع بعض الشخصيات، التي لا تستحق الإشارة لها.

التعامل مع الآخرين

وذكر الأخصائي النفسي حسين آل ناصر أن للإنسان قيم ومبادئ عليه أن يحفظها ويعتني بها ويستفيد منها، كانعكاس في سلوكياته وتحركاته، مشيرا إلى وجود أشياء كثيرة قد تتعارض مع قيم الإنسان كإنسان أو قد تتصادم مع قيم المجتمع.

وقال: ”هنا لابد من وقفة تأمل، حيث أن حب الظهور، قد يكون في الملبس أو التفكير أو طريقة التعامل مع الآخرين، كأن الشخص يوصل رسالة مفادها أنا وما دوني لا قيمة لهم“.

وأوضح آل ناصر، أن كل إنسان يحب أن تبرز أعماله ويثنى عليها ليحقق الرضا والسعادة له على المستوى النفسي والاجتماعي.

وقال: ”يجب أن ندرك أن حب الظهور حاجة للإنسان كالحاجات الأخرى وقد يظهر واضحًا في المراهقة بصورة أكبر، لذا علينا التفريق بين ما هو سوي وماهو غير ذلك“.

ونوه إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا كبيرًا في تفاقم هذه المشكلة التي قد تتحول لاضطراب، حيث صار بعضهم ينشر يومياته بشكل مبالغ فيه، كأنه يقول: ”أنا الأهم والأفضل، طريقة التفكير لدي ويومياتي، تستحق النشر والاستفادة منها“.

وقال: ”تراه يموت ألف مرة لو لم تلق أشياءه صدى واهتمامًا، ومن هنا نجد بعضهم يلقب نفسه بألقاب تبين أنه الأعلى مشاهدة أو أنه المسيطر والشخصية الأكثر تركيزًا عليها من قبل جماهير السناب أو الانستغرام أو تويتر أو الفيس بوك“.

وأوضح أن دور الأسرة مهم جدًا في الوقاية من هكذا مشكلات، كتنشئة الطفل بطريقة ”افعل كي يقول الناس بأنك الأفضل“ أو ”البس كي يروك الأجمل“، كأن كل شيء هو من أجل الآخرين وأن يظهر أمامهم بإطار معين سعيًا ليكون مميزًا.

وأكد على أهمية دور الأسرة العلاجي والوقائي، وقال: ”أظهروا أشياءكم الجميلة واعطوا فرصة للآخرين، ليظهروا إبداعاتهم، إنه جميل أن نبدع جميعًا ونتميز جميعًا“.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
حداثي شرعي
[ القطيف ]: 29 / 8 / 2017م - 9:07 ص
طوبى لمن عمل لله وأكثر من ذلك في الخفاء