بغداد.. دبلوماسية الاقتصاد
أضحت بغداد محطة دبلوماسية، لكثير من مسؤولي الدول العالمية، فالانتصارات المتلاحقة، التي حققتها على الإرهاب، دفعت العديد من العواصم العالمية، لاعادة قراءة المشهد، بما يتلائم مع المعطيات الجديدة، خصوصا وان الموقف السياسي العراقي، بات اقوى من السنوات السابقة، فالورقة العسكرية فرضت واقعا سياسيا مغايرا، سواء على الصعيد الإقليمي او العالمي.
الحركة الدبلوماسية غير المعهودة في العاصمة العراقية، مرتبطة بالتطورات العسكرية، والانتصارات المتلاحقة على تنظيم داعش الإرهابي، فالعمليات الحربية تتجه نحو النهاية، نظرا للانحسار الواضح للجماعة الإرهابية، على امتداد الجغرافيا العراقية، مما ينعكس بصورة مباشرة على مرحلة جديدة، وعودة بغداد للمجتمع الدولي بقوة من باب انهاء الإرهاب، وبالتالي فان محاولات اغراق العراق في الحرب الاهلية، ومحاولة تقسيم البلاد ذهبت ادراج الرياج، اذ استطاعت الحكومة العراقية، تجاوز تلك المصاعب بإرادة صعبة، ترجمت على شكل انتصارات كبرى على الإرهاب.
تحاول الكثير من الدول العالمية، استثمار التحولات العسكرية في العراق، بإعادة رسم سياسة دبلوماسية، مختلفة تماما عن الفترة السابقة، خصوصا وان بغداد ستجد نفسها، محط اهتمام من الدول الأوروبية والإقليمية، بهدف تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية بالدرجة الأولى، فالمرحلة القادمة ستمتاز عن غيرها من المراحل السابقة، باختفاء شبح الإرهاب سواء من داعش او غيرها، مما يمهد الطريق امام لاطلاق مرحلة الاعمار، وإعادة بناء ما خلفته الحرب،
بغداد ستعطي الأولوية في عقود البناء، للدول التي ساندتها في محنتها، التي استمرت 3 سنوات، خصوصا وان مرارة احتلال أجزاء واسعة من الأراضي العراقية، كشفت المواقف الصادقة من الزائفة، فالبعض حاول ممارسة الابتزاز السياسي، في سبيل دعم الحكومة العراقية، بينما بادرت بعض الدول للوقوف الكامل، مع بغداد في محاربة الإرهاب، اذ عمدت لدعم مواقفها السياسية، في المحافل العالمية وكذلك تزويدها بالسلاح للوقوف امام الزحف الداعشي آنذاك،
الولايات المتحدة، ستحاول الاستحواذ على حصة الأسد، في مرحلة ما بعد داعش، اذ ستحرص على نيل العقود الضخمة لمرحلة الاعمار، على حساب الدول الأخرى، نظرا لما تمتلكه من نفوذ قوي على الحكومية العراقية، بمعنى اخر، فان الشركات الامريكية ستتحرك بشكل جاد، بالتنسيق مع البيت الأبيض، لمحاولة محاصرة الحركة الدبلوماسية الأوروبية، لمنع تسرب العقود الكبرى للشركات الأوروبية، اذ يمكن اعتبار زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الأخيرة الى بغداد، احدى المحاولات الجادة لترطيب الأجواء، امام عودة الشركات الفرنسية للسوق العراقية، نظرا لوجود مؤشرات قوية، بقرب انتهاء الإرهاب بشكل نهائي، وعودة الاستقرار الى المناطق، التي سيطر عليها داعش في السنوات الماضية.
بدورها الدول الأوروبية، تتحرك في المرحلة الراهنة للحصول، على جزء من كعكة إعادة الاعمار، في مختلف المدن التي احتلتها داعش، خلال السنوات الثلاث، مما يدفعها لمحاولة مسابقة، للتواصل مع بغداد وتقريب وجهات النظر، في المواقف السياسية، من اجل الحصول على بعض العقود الضخمة المنتظرة، لتأهيل البنى التحتية المدمرة، بمعنى اخر، فان المصالح الاقتصادية، تمثل المحرك الأول وراء التحركات الدبلوماسية، في المرحلة الراهنة.