آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 6:00 ص

ورقة داعش

محمد أحمد التاروتي *

الأحداث المتسارعة في المنطقة، توحي بقرار دولي بانهاء داعش من الخارطة السياسية، فالنجم الذي سطع في عالم الساسية، بدأ في الأفول التدريجي، نتيجة الضربات العسكرية التي يتلقاها حاليا، في غالبية المناطق التي سيطر عليها، خلال السنوات الثلاث الماضية، اذ بدأ التنظيم يفقد القدرة على الصمود، ومواصلة التوسع، منذ الضربة القاصمة، التي مني بها في مدينة الموصل، على يد القوات العراقية، خصوصا وطرد التنظيم الإرهابي من المدينة، يحمل دلالات سياسية وعسكرية، باعتبارها المدينة التي بشر بإعلان أبو بكر البغدادي، بعد السيطرة عليها في عام 2014.

المؤشرات العسكرية، لا تدع مجالا للشك بوجود إرادة دولية، باجتثاث التنظيم من الوجود، خصوصا وان الأطراف الداعمة للتنظيم، بدأت ترفع الدعم المباشر، او غير المباشر، مما مهد الطريق لبد مرحلة الهزائم المتلاحقة، اذ اضحى التنظيم في مرحلة الدفاع، والاستماتة في الحفاظ على وجود، بخلاف السنوات الثلاث الماضية، التي شهدت التمدد الأفقي والعمودي، في سوريا والعراق ولبنان، فضلا عن المبايعات التي أعلنت في العديد من البلدان العربية، منها ليبيا واليمن وغيرها.

التطورات السياسية المتلاحقة، على الساحة الدولية، والصراعات الإقليمية، ألقت بظلالها على تنظيم داعش، فالأجواء السياسية افقدت التنظيم الإرهابي، القدرة في الحصول على الدعم اللوجسيتي، جراء الحصار المفروض عليه من غالبية الدول العالمية، الامر الذي انعكس على تراجع الموارد المالية، التي كان يجنيها في السنوات الماضية، سواء عبر عمليات تهريب النفط، او سرقة الاثار او أموال الخطف، بمعنى اخر، فان محدودية حرية الحركة، لعبت دورا أساسيا في انقلاب الصورة، لدى التنظيم الإرهابي، خلال الأشهر الماضية، فمرحلة الهجوم وسياسة التوحش، التي بثها في المنطقة، بدأت في التلاشي جراء الخسائر الكبيرة في الكوادر والأسلحة، مما ساهم في تراجع القدرة على الهجوم، والاكتفاء بالدفاع، في المناطق الواقعة تحت سيطرته.

ورقة داعش العسكرية، شارفت على الاحتراق بشكل كامل، فالمعركة التي تخوضها القوات العراقية في تلعفر حاليا، والتقدم السريع يمثل احد الملامح الرئيسيّة، في اندثار التنظيم عسكريا، كما ان الحرب التي يخوضها لبنان في جرود عرسال، ضد داعش احد ابرز المؤشرات، بقرب انتهاء داعش، فهناك ضوء اخضر من أطراف دولية الى لبنان، بالدخول في غمار المعركة، مقابل الحصول على الغطاء السياسي اللازم، كما ان التنظيم يواجه مشاكل حقيقية، في مواجهة التقدم السريع للجيش السوري في البادية، وبالتالي فان الإرادة الدولية، تتحرك باتجاه إغلاق ملف داعش، من الخارطة السياسية، لاسيما وان التنظيم استنفد اغراضه المرسومة، لدى الدوائر الداعمة، مما يستدعي التخلص من الورقة، لدفن جميع الأسرار، من خلال القضاء على غالبية القيادات، في المواجهة العسكرية، او عمليات الاغتيال، التي تجري على قدم وساق، في المناطق الواقعة تحت نفوذ داعش حاليا.

إنهاء ورقة داعش العسكرية، لا يمثل النهاية الكاملة للتنظيم، فالفكر الذي يحمله عناصره، سيبقى خطرا كبيرا، اذ سيعمد داعش خلال الفترة القادمة، لارتكاب عمليات إرهابية انتقامية، للتعويض عن سلسلة الهزائم، التي تجرعها في العراق وسوريا، ويمكن اعتبار العمليات الإرهابية الأخيرة في اسبانيا، احدى تلك الجرائم الانتقامية، التي سيلجأ في المرحلة القادمة.

كاتب صحفي