آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 6:00 ص

ثقافة التمزيق

محمد أحمد التاروتي *

لعبة شق الصف الواحد ليست جديدة، فهي من ألاعيب المعروفة، والمتبعة لدى بعض الأطراف سواء الداخلية، او الخارجية، خصوصا وان التلاحم والتماسك، يحول دون القدرة على الاختراق، وتحقيق مختلف المآرب والأهداف، مما يدفع للتفكير الجاد لايجاد موطئ قدم، لأحداث فجوة كبرى في جدار المجتمع، الامر الذي يمهد الطريق الدخول والخروج دون صعوبة تذكر.

الجبهة الداخلية المتماسكة، تمثل خط الدفاع الأول في افشال جميع مخططات شق المجتمع، خصوصا وان الطرف الاخر يبحث عن المنطقة الرخوة للولوج من خلالها، مما يستدعي تدعيم الجبهة الداخلية، للوقوف امام المساعي الجادة لتمزيق المجتمع من الداخل، لاسيما وان عملية تدمير التماسك الداخلي، تكون في أحيان كثير في خط متوازن، داخليا عبر عناصرها وخارجيا من خلال وسائل الاعلام المختلفة.

بث الشائعات على اختلافها، وتسخير العناصر لترويجها في الداخل، احد الأساليب المتبعة لأحداث النزاع، والشقاق في المجتمع، فالطرف المقابل يحرص على كسب ود، عناصر داخلية للانخراط في مشروعه التخريبي، سواء من خلال الإغراءات بالمكاسب الاجتماعية، والمناصب الدنيوية، او من خلال شراء الذمم بالمال، بمعنى اخر، فان عملية نشر الأكاذيب، والشائعات مرتبطة في الغالب، بالقدرة على شراء عناصر داخلية، تعمل على ترجمة تلك الشائعات، في الوسط الاجتماعي، نظرا لسهولة تغلغل هذه العناصر، في مختلف الشرائح الاجتماعية، الامر الذي يمكنها من التحرك بسهولة دون عوائق.

الوعي الاجتماعي لدى المجتمع، يمثل احد الأسلحة لمنع الوقوع في فخ المكائد، التي ينصبها الطرف الاخر، فالمجتمع القادرة على قراءة الأهداف الكامنة وراء الشائعات، التي تروج سيكون سدا منيعا في تصديقها، او المساهمة في نشرها، اذ يمثل اسكات الالسن التي تروج الشائعات، وسيلة فاعلة في القضاء عليها، والحيلولة دون تحقيق أهدافها المرجوة، خصوصا وان الطرف المقابل يتوخى من بث الشائعات، احداث شق كبير في الجدار الاجتماعي، مما يمكنه في النهاية من الوصول الى أهدافه، باقل الخسائر، لاسيما وان الشائعات تلعب دورا كبيرا، في التأثير على الفرد في المجتمع الواحد، وبالتالي، فان التسلّح بالوعي امر بالغ الأهمية، للحفاظ على تماسك المجتمع الواحد.

القرآن يحث على تماسك المجتمع، ويحذر من الانزلاق وراء الأهداف، التي تحركها الاطرف المشبوهة، باعتبارها معول هدم يسهم في تحطيم الجدار الاجتماعي، فالمجتمع الذي ينساق وراء الشائعات، ينهار امام الضربات، التي توجه اليه من الخارج، نظرا لانعدام التماسك الداخلي اللازم، لمواجهة العدو الخارجي، حيث يطلق القرآن على الشائعات، او ثقافة التمزيق ب ”الفاحشة“، اذ يقول ”ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والاخرة“، فالقران يتحرك لوأد جميع الشائعات، الساعية لتمزيق المجتمع الواحد، خصوصا وان الجبهة الداخلية، تمثل خط دفاع قوي، لافشال جميع المساعي المشبوهة للطرف الاخر.

كاتب صحفي