آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 6:00 ص

لاصدقة وذو رحم محتاج

عبدالله الحجي *

الكثير ممن ينتظرون دخلا شهريا يشكون من الأوضاع الاقتصادية ومن كثرة المصروفات التي لاتبقي شيئا من الراتب مع نهاية الشهر إذا لم يلحقها القروض لسد النقص. ذلك لذوي الدخل فكيف بمن لادخل لهم ومن كانوا ضحية التسريح من وظائفهم بسبب الظروف الاقتصادية ولديهم أسر يعيلونها؟ من المؤسف أن شريحة كبيرة من هذه الفئة لاتجد لها ملاذا إلا الجمعيات الخيرية لسد بعض احتياجاتها مما يشكل عبئا كبيرا على هذه الجمعيات، مقارنة بإيرادات الجمعيات المحدودة من جهة أخرى بسبب الظروف الاقتصادية للداعمين من موظفين ورجال أعمال ورجال الدين.

الجمعيات الخيرية تصنف الفقراء إلى درجات حسب الاحتياج ولكي تكثف جهودها على رفع المستوى المعيشي لمن هم أشد حاجة فهي بحاجة لوقفة اجتماعية للتقليل من عدد المحتاجين. فمن الاستراتيجيات التي تنهجها بعض الجمعيات والمراكز السعي لتحويل بعض الأسر من محتاجة إلى منتجة وذلك بالاهتمام بالجانب التنموي للمستفيد أو أحد أبنائه من الذكور والإناث، بحضور دورات تدريبية، أو التوظيف أو المساعدة في تأسيس مشاريع صغيرة من شأنها رفع مستوى الأسرة والاكتفاء من مساعدات الجمعية. كما أنها تهتم بالجانب التعليمي لأبناء المستفيدين للحد من توريث الفقر من الآباء إلى أبنائهم.

المسؤولية كبيرة على الجمعيات حيث أنها لم تعد تكتفي بالدور التقليدي بأن تكون حلقة وصل فقط لاستلام الصدقات وتسليمها للمستفيدين. وذلك يُحتم على المجتمع الوقوف معها جنبا إلى جنب بالتواصل والدعم. المستفيدون من الجمعيات هم من مختلف العوائل ولو عمل كل منا بتطبيق الحديث النبوي الشريف عن المصطفى ﷺ في أولوية دفع الصدقة“لا صدقة وذو رحم محتاج”لساهمت كل عائلة بالإهتمام بفقرائها وسد احتياجاتهم والاتفاق مع الجمعيات باسقاطهم من سجلاتهم. بكل تأكيد إن ذلك قد يصعب تطبيقه على كل العوائل والحديث هنا عن العوائل المقتدرة التي أنعم الله عليها ولو بالمشاركة بالقليل من كل موظف، أو تفعيل الحصالات الأسرية، أو التنسيق مع الوكيل والاقتطاع من الحقوق الشرعية لما يدعم المحتاجين من ذوي الرحم وغيرهم ممن تدعمهم الجمعيات.

من أولويات الصدقة أن تصرف على الأقرب فالأقرب وإذا لم يوجد من هو محتاج تصرف على غيرهم. ولايعني ذلك أو يفهم منه أن كل شخص يدعم ذوي رحمه فقط ويغض الطرف عن الآخرين لأن ذلك فيه أنانية وعدم اهتمام بأمور المسلمين. فبعض الأسر المستفيدة قد لاتجد من يدعمها من الأقارب لمحدودية دخلهم أو التزاماتهم الشخصية. كما أن البعض من الموظفين ممن أنعم الله عليهم مع الأسف أصبحوا اتكاليين ومتفرجين لايكترثون بأقاربهم الفقراء ملقين بالعبء على الجمعيات والمراكز لسد احتياجاتهم. وفي الطرف المقابل يوجد نماذج مشرفة ممن يُغدقون بسخاء على أقاربهم وأقارب غيرهم.

الأحاديث الشريفة التي تحث على الصدقة وتبين فضلها كثيرة ولكن أجر وثواب صدقة ذي الرحم مضاعف. فقد ورد عن النبي الأكرم ﷺ:“إن الصدقة على ذي القرابة يُض?عف أجرها مرتين»، وورد عنه“صدقة ذي الرحم على ذي الرحم صدقة وصلة”

أما آثار الصدقة فحدث ولاحرج كما وردت في الأحاديث الشريفة نوجز بعض منها. فالصدقة تطيل العمر وتزيد الرزق وتدفع البلاء بمختلف أنواعه وتدفع القضاء وتفتح أبواب الخير وتسد أبواب الشر وتُطفئ غضب الرب وتمنع ميتة السوء وتداوي المرضى، فهنيئا لمن عرف قدرها واستعان بها لقضاء حوائجه.