آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 6:00 ص

دور المسجد التثقيفي

تكمن أهمية صلاة الجماعة في صناعتها للشخصية الإنسانية وفق معايير التكامل والتحلي بالفضائل، وتنمية تلك القدرات الإيمانية والثقافية والاجتماعية بقدر استيعابها لدورة الإعمار والإنمائي، وما يتناسب مع طبيعة الحياة وما تحمله عجلة الزمن من صعوبات ومحن تعتصر المرء؛ ليخرج منها من امتلك الطمأنينة والصبر بصورة أفضل وأقوى، وقد اكتسب التجارب والمعارف الحكمية التي تدعم خياراته.

فمن الآفات التي تضرب حاضر ومستقبل الشباب هو الفراغ وملء الأوقات - أغلبها - الأمور السطحية مع إغفال إعداد برنامج تنموي لشخصيته بجميع أبعادها، وهذا ما يظهر في استبانة سريعة لمجمل اهتمامات وهوايات الشباب حيث تظهر ما هو غير مرجو ومقبول، وهذا لا يعني طبع شخصية الشاب بالجدية والعمل المستمر بلا أخذ قسط من الراحة أو قضاء أوقات ترفيهية لقتل الروتين، بل هي دعوة لصناعة الشخصية الوازنة التي تتجلى منها الإنجازية والمساهمة في ازدهار بيئته ومجتمعه، مع استمتاع بمباهج الحياة وتجديد طاقته الحيوية ونشاطه وعنفوان عطائه.

ويمكن للهيئة العاملة والمنسقة للبرامج الثقافية المتنوعة في المسجد، أن تسهم في انفتاح فكر الشاب على أفق المعارف والاطلاع على الكتب المناسبة لميوله وعقله، فما يتناسب مع ذاك الطفل من برامج تعليمية يغلب عليها الطابع الترفيهي والسرد القصصي، بالتأكيد لا يلائم عقلية الشاب والتعاطي مع فكره بأسلوب الحوار والعصف الذهني والبحث عن المعلومة بين صفحات الكتاب أو محرك البحث في الإنترنت.

إعداد البرامج والكتب والوسائل والأجهزة التقنية، والاشترك في مواقع التواصل الاجتماعي والمتابعة من خلالها، يؤسس للرابطة الأخوية الفاعلة، ويدعم مواهب ومهارات الشباب ويرفدها بما ينميها، فتجد في حوارك وحديثك مع شباب المسجد من الأدب والاحترام والمنطق والهمة، ما يجعلهم أعضاء إيجابيين في مساعدة أفراد مجتمعهم.

وأمام تلك الظواهر والسلوكيات السلبية كالعدوانية والانهزامية والفراغ القاتل والاستعلاء على الآخرين واحتقارهم وغيرها، نجد في مخاطبة الشاب بالمنطق الحكيم الذي يقيم الفعل والقرار، والاختيار من خلال الفائدة المرجوة منه والنظر في عواقبه، وتقدم له صورة واضحة لحقيقة الحياة ودور الإنسان فيها، مدعوما بسيرة تلك النماذج الرائعة للأنبياء والأئمة ومواقفهم التعليمية والتربوية التي يتخذها نبراس هدى واستقامة.

إننا أمام صياغة شخصية الشاب في مدرسة المسجد العاملة كمركز تعليمي ينضوي في طياته الفعاليات والمسابقات المتنوعة، وهذا بالطبع يتم تحت إشراف إمام المسجد والهيئة التعليمية والذين حملوا على عاتقهم مسئولية إعداد النشء وتوجيهه وفق المفاهيم والقيم الأخلاقية العالية.