آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 6:00 ص

تلعفر.. معركة المنتصر

محمد أحمد التاروتي *

اكتمال الاستعدادات لانطلاقة معركة تحرير قضاء تلعفر، من براثن إرهاب داعش، يوحي بقرب اعلان ساعة الصفر، لتخليص المنطقة من كابوس، استمر لنحو ثلاثة أعوام، فقد حكم التنظيم الإرهابي قضاء تلعفر، بمنطق الحديد والنار تحت مسميات مختلفة، من اجل إرساء قواعد دولته، التي تهاوت بشكل كامل جراء تحرير مدينة الموصل، اتخذها أبو بكر البغدادي منبرا لإعلان دولته.

الجدل الذي سبق تحرير مدينة الموصل، بشأن خطورة اشراك الحشد الشعبي في دخول المدينة، اختفى تماما في الأيام القليلة الماضية، مما يعطي دلالة سياسية واضحة المعالم، على الانعكاسات الكبيرة التي فرضتها معركة الموصل، على الدول الإقليمية، اذ بدأت الدول الإقليمية تتعاطى بشكل مختلف مع بغداد، جراء التحول العسكري النوعي، الذي تمتلكه الحكومة العراقية في الوقت الراهن، مما يجعلها في حل من الاستسلام للضغوط الخارجية، لبعض الدول المجاورة.

تحذيرات انقرة من مغبة انخراط الحشد الشعبي، في معركة تلعفر ذات الأغلبية التركمانية، تلاشت بشكل كامل خلال الفترة القليلة الماضية، فالحكومة التركية باتت تدرك تماما امتلاك بغداد للورقة السياسية، التي تمكنها من تجاهل الاعتراضات المتعلقة، بعدم أشراط بعض القطاعات العسكرية، خصوصا وان الحشد الشعبي اصبح ورقة رابحة، في مختلف المعارك العسكرية، التي خاضها ضد داعش، على مدى السنوات الثلاث الماضية، وبالتالي فان الحديث عن تحييد الحشد في معركة تلعفر، امر غير وارد على الاطلاق، نظرا لوجود إرادة سياسة لدى الحكومة العراقية، تتمثل في باستثمار مختلف الصنوف العسكرية، في المعركة القادمة من جانب، ومن اخر، فان الرضوخ لضغوط تركيا، يظهر الحكومة العراقية في موقف الضعيف، امام الرأي الداخلي، ويبعث برسائل خاطئة للخارج، مما يشجع بعض الدول الإقليمية، على انتهاج سياسات مماثلة، في بعض المناطق الاخرى بمبررات مختلفة.

الولايات المتحدة حاضرة بقوة، في مختلف المعارك العسكرية على الأرض العراقية، سواء عن طريق التحالف الدولي، او من خلال بعض القواعد العسكرية، او المعسكرات المنتشرة، في بعض المناطق، لذا فان واشنطن تسعى للاستفادة من التقهقر العسكري، لداعش في العراق منذ الهزيمة الكبرى في الموصل، بمعنى اخر، فان الإرادة الدولية بانهاء داعش، بدأت ملامحها تتضح بصور شتى، سواء في العراق او سوريا او لبنان، وبالتالي، فان معركة تلعفر تمثل مفصلا هاما، في تعميق جراح التنظيم الإرهابي، الذي فرض سيطرته على أجزاء واسعة من العراق، وسوريا خلال السنوات الثلاث الماضية، اذ ساهمت تلك السيطرة على ارتكاب الكثير، من المجازر بحق الكثير، من سكان المناطق الواقعة تحت نفوذه.

معركة تلعفر، تكتسب أهميتها كونها، بمثابة الضربة القاضية، لارهاب داعش، خصوصا وان التنظيم بدأ يفقد بريقه، ويتهاوى بشكل تدريجي، في العديد من المناطق، التي احتلها في العراق وسوريا، وبالتالي فان فقدان تلعفر يصيب داعش بمقتل، ويشكل هزيمة عسكرية كبيرة، فضلا عن الهزيمة النفسية، مما يمهد الطريق امام المزيد من الهزائم، في مختلف المناطق الواقعة حاليا تحت سيطرته.

كاتب صحفي