عبدالحسين.. بطل تحرير الكويت ووالد فناني الخليج
تميز الفنان الكويتي عبدالحسين عبدالرضا ب ”كاريزما“ خاصة في أدائه الفني ما جعله يمتلك قلوب الجماهير في الكويت بل والعالم العربي ليكون جسرا من البساطة والمحبة لن ينساه أحد.
أبوعدنان استطاع بموهبته الفريدة وجهده الذي لا ينقطع أن يكون أحد أعمدة المسرح الخليجي، فهو تلميذ زكي طليمات، وأحد مؤسسي فرقة المسرح العربي في العام 1961، وهو العام ذاته الذي شهد أول مسرحية يشارك فيها وهي ”صقر قريش“.
عبدالحسين عبدالرضا ترك بصمة خالدة في تاريخ الفن الكويتي خاصة والعربي عامة، فأداؤه التراجيدي لم يمنع تميزه الكوميدي الذي حرّك مشاعر الجماهير من الخليج إلى المحيط، ولم يغب النقد الهادف في شخصياته الفنية التي قدمها على مدار أكثر من خمسين عامًا، والتي شكلت مسيرة مهنية عملاقة وحالة استثنائية تعد كتابا مفتوحا لكل الأجيال المقبلة لينهلوا منها.
أبوالكوميديا شارك في أكثر من 100 عمل فني ما بين المسرح والتليفزيون والإذاعة، وكتب ولحن تجارب موسيقية، كما خاض تجربة التأليف ب24 عملا فنيا، وانطلق في عالم الفن منذ الصغر وكشف عن موهبته على خشبة المسرح ”أبوالفنون“ وأدهش وأرهف الجماهير وذابت فيه الشخصيات الفنية المتنوعة وامتلك أدوات الإنسانية الراقية وختم المسيرة بخدمة الفن الخليجي وإثرائه بالإنتاج والتأليف وإطلاق قناة الفنون الكويتية.
وعلى مدار مسيرته الفنية تُوّج وكُرّم العملاق عبدالحسين عبدالرضا بالعديد من الجوائز، أبرزها جائزة نجم المسرح الأول في الكويت 1980، وجائزة الريادة الأولى للمسرح في 1987 في تونس، وجائزة رائد المسرح العربي في 1988 في القاهرة، وجائزة تقديرية وشهادة درع في العام 1996 من قِبل التليفزيون العربي، وجائزة سلطان العويس في 1997 في الإمارات، وجائزة تقديرية من مهرجان الخليج في البحرين في 1997، وجائزة الدولة التقديرية في الكويت 1998، وجائزة تقديرية من وزارة الثقافة الأردنية في 2001.
وقبل كل تلك والجوائز والتكريم، انطلقت شهرة ”أيقونة الكوميديا“، منذ نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات مع عدد من أبرز الأعمال التليفزيونية والمسرحية أشهرها، ”درب الزلق“، و”باي باي لندن“، مع كوكبة من نجوم الفن الخليجي، كما كوّن مع رفيق دربه، الفنان الكبير، سعد الفرج، فرقة المسرح الوطني في العام 1976، وقدم من خلالها عددًا من المسرحيات الكوميدية ذات الطابع الاجتماعي والسياسي، مثل ”بني صامت“، و”سوق المناخ“، و”هامان يا فرعون“، و”باباي لندن“، و”باباي عرب“، وبعد انفصاله عن الفرج، كوّن في العام 1984 فرقة مسرح الفنون، وأبرز ما قدمها من خلالها، ”قناص خيطان“، و”سيف العرب“، و”مراهق في الخمسين“، و”عزوبي السالمية“.
ولم يغب عبدالحسين عبدالرضا عن هموم بلده الكويت ووثق الغزو العراقي الغاشم بمسرحية ”سيف العرب“، ما تسبب في محاولة اغتياله في العام 1992 أثناء عرضها، ومنذ العام 2003 بدأت أزماته الصحية إثر تعرضه لأزمة قلبية أثناء تصوير مسلسل ”الحيالة“، نقل بعدها إلى لندن لإجراء جراحة عاجلة ثم عاد لإكمال تصوير العمل.
وبعدها بعامين في 2005 تعرض لجلطة في المخ ونقل بعدها إلى ألمانيا لتلقي العلاج، ولم يمنعه تدهور حالته الصحية من المشاركة في الأعمال الدرامية، فبعد انتهاء تصوير مسلسل ”العافور“ أجرى عمليتي قسطرة للقلب في لندن في العام 2015، وفي يوم 9 أغسطس الجاري تعرض لوعكة صحية شديدة في لندن ليدخل على إثرها العناية المركزة ويتوفى في 11 من الشهر ذاته لتعرضه لجلطة حادة في القلب.. رحم الله الفقيد وألهم أهله وجماهيره الصبر والسلوان، الذي لم يألْ جهدًا حتى آخر أيام حياته لإثراء الفن بموهبته الفريدة وجهده الوفير.
ولا يمكن أن ننسى أن فنه وما قدمه من أعمال وشخصيات درامية جمّعت الوطن العربي ولم ينظر أحد بطائفية سُنيَّة أو شيعيَّة إلى ما قدمه حتى مماته إلا كل ذي أُفق ضيق ونَفْس مريضة، فحتى جنازته شارك فيها كل أطياف المجتمع من الخليج إلى المحيط، ولم يتذكروا إلا الإنسان عبدالحسين عبدالرضا وأثره الفني الذي ستنهل منه الأجيال في المستقبل.