أربع عشرة دقيقة تهز العالم الإسلامي
ما كاد العالم الإسلامي ينسى الرسام الدانماركي الذي حصل على شهرة عالمية من وراء الحملة التي قادها العالم الإسلامي قبل ما يقارب ثلاث سنوات وتم خلالها تمرير كثير من المشاريع الاستعمارية دون أن يشعر بها أحد حينها. واليوم نجد أن ردود الفعل لدى عامة المسلمين في كافة أنحاء العالم تأتي غاضبة ومستفزة لتقوم بالحرق والقتل والنهب والتدمير من خلال خبر هذا الفيلم الرديء الذي أنتج قبل ما يزيد على ثلاثة أشهرولم يكن له أثر يذكر.
كلنا يتساءل من المستفيد من هذه الغوغائية التي تحدث هنا وهناك، هل هم جماعة الإخوان الذين تغيرت وجهة نظرهم بمجرد وصولهم إلى مواقع مرموقة بفضل الربيع “الإخواني”، أو لصالح معارك الانتخابات في أمريكا، أو لصالح تمرير أجندة صهيونية في العالم العربي دون المرور على الشعوب الغاضبة التي قامت بحرق السفارات ومنها «الألمانية والبريطانية» في السودان، حيث ظل المتظاهرون في طريقهم للسفارة الأمريكية، وكان الحرق الأول من نصيب الألمانية.
تيارات متعددة ومصالح مشتركة اجتمعت لضرب المسلمين من خلال ترويج مثل هذا الفيلم الذي اعتبره “سعيد محيو في مقالته يوم أمس بعنوان «الفيلم المُسيء للرسول “ضربة معلِّم”» “ضربة لكل المتضررين من الربيع العربي في الشرق الأوسط وخارجه”. وهذا ما يعني أن المستفيد الأول هي تلك القوى التي تحول دون دخول الديمقراطية لعالمنا العربي، ومحاولة تفتيتها عبر تيارات إسلامية مختلفة المشارب، لترفع أعلامها «السوداء»، بين تلك السفارة أو الأخرى منادية بالحرق والمقاطعة، علماً بأننا لو احتكمنا للعقل، لما قمنا بمثل هذه المسيرات الحاشدة، بل مواقف واضحة ورسمية عبر «منظمة المؤتمر الإسلامي»، حيث إننا بحاجة لهذه الدماء التي تراق هنا وهناك مقابل أعمال عنف وتخريب، لا تحركها سوى قوى استخباراتية عالمية وذكية، أدت إلى إنتاج مثل هذا الفيلم المسيء للإسلام، وتجعله قنبلة موقوتة تفجرها وقتما تشاء كي تجعل العالم يتفرج على ردود الفعل العاطفية التي تحرك العالم الإسلامي.
لقد نجح المخططون لهذا الفيلم الذي لا تتجاوز مدته «14» دقيقة ويتفق الجميع على تفاهته إلا أنه استطاع تحويل الأزمة بين العالم الإسلامي والغرب، وتحديداً أمريكا التي جعلها تحرك أساطيلها في العالم الإسلامي لحماية سفاراتها ورعاياها في الخارج. وسنظل نسمع خلال الأيام المقبلة عن زيادة لعدد المسلمين الذين قتلوا في المظاهرات وأعمال الشغب التي يفعلونها بسبب الفيلم دون البحث في طرق عقلانية لمعالجة ما يحدث.