الاحتكار وآثاره المدمرة
في الاقتصاد عندما يتم احتكار سلعة أو خدمة معينة في الأسواق بيد فئة ما، فإن ذلك يؤثر سلبا على مدى التنافسية في السوق وتنتج عنه أضرار كبيرة على عموم المستفيدين والمستهلكين، بينما تحقق الفئة المحتكرة الأرباح الطائلة. فهي تستطيع فرض الأسعار التي تريدها كيفما تشاء وتتحكم بالسوق بصورة مطلقة، بل تشكل لها أذرعة ضاربة لإقصاء وإضعاف أي منافسين قائمين أو محتملين.
وبسبب الأضرار البالغة التي تنتج عن هذا السلوك وتنعكس سلبا على مختلف فئات المجتمع وشرائحه، ولكونها حالة غير سليمة للمجتمعات الإنسانية، فقد جاءت التشريعات السماوية والقوانين الوضعية لتواجه هذه الحالة من الطمع والرغبة في الاستحواذ والسيطرة والتحكم، داعية لفرض قيود وضوابط من أجل اتاحة المجال أمام أفراد المجتمع للعمل التنافسي بسواسية.
وكما هو الحال في المجال الاقتصادي، فإن الاحتكار قد يأخذ صورا مختلفة، فهناك احتكار في الفكر والمعرفة ضمن نماذج وأشكال متعددة من الاحتكار. وفي كل هذه المجالات تنتج عن ممارسة الاحتكار نتائج شبيهة للاحتكار في المجال الاقتصادي بل قد تكون أشد خطورة وأعمق تأثيرا.
إن احتكار المعرفة والثقافة وحصره في فئة معينة يكون لها الحق الحصري والتفويض والصلاحية في الإنتاج والنشر. وقد يقود ذلك الى إضفاء هالة من التبجيل للاعتقاد بانها فقط من تمتلك الحق في المعرفة ونشرها.
ولمواجهة أشكال الاحتكار المعرفي هذا وآثاره المدمرة على المجتمع، فلابد من استحداث وسائل وبرامج تعزز التنافسية والإبداع في الطرح الفكري والثقافي وتشريعات تقنن ذلك وتحمي حرية المشاركة والتعبير عن الرأي من خلال افساح المجال أمام مختلف الأطياف الفكرية للتعبير عن توجهاتها وآرائها بصورة نقدية بناءة تساهم في التطوير والبناء الواعي للمجتمع.