بلدية بلا مبادرات
تظهر المبادرات المؤسسية - عادة - لسببين: الأول مرتبط جينيًا بحجم ونوعية الإنجازات التي تحققها المؤسسة أو الجهاز، فكلما زادت الإنجازات كمًا ونوعًا وجودةً، كلما ظهرت الأفكار الخلاقة التي سرعان ما تتحول إلى مبادرات ومشاريع. أما السبب الثاني لظهور المبادرات فهو الدماء الجديدة التي تُضخ وتطّعم المؤسسة بفكرها بين فترة وأخرى، فترى بعينها الفاحصة ما لا تراه العيون التي اعتادت وادمنت على بقاء الأمور على ما هي عليه، ولم تعد قادرة على حتى مجرد تخيل أي إمكانية للتغيير للأفضل.
للبلديات في المملكة - والعالم أجمع - دور كبير ومساحة واسعة لتحسين بيئة المدن وحياة الناس فيها، ويمتد دورها وأثرها بشكل مباشر وغير مباشر إلى جميع نواحي حياة ومستقبل الناس، فالبلديات قادرة على زيادة دخل الأفراد من خلال تجهيز البنية التحتية والبيئة الاستثمارية والتجارية في المدينة وتقليل الهدر المالي - الذي يتحمله الفرد - الناتج عن القصور في تنفيذ الخدمات، كما أنها قادرة على تحسين مستوى الصحة العامة من خلال جودة أنشطة حماية البيئة التي تقوم بها والأعمال المبتكرة المتعلقة بتحسين المرافق العامة توفير وتنظيم الخدمات العامة والاجتماعية التي يحتاجها الناس بفئاتهم وإعمارهم المختلفة «الكبير والصغير، الشاب الرياضي وذي الاحتياج الخاص» وبجودة عالية.
المبادرات المدروسة - التي تعتمد على آليات واضحة - بطبيعتها تلغى تلقائيًا ما اعتادت عليه بعض البلديات مثل: حملات تفتيشية لإيقاع المخالفات بين فترة وأخرى، لأن المبادرات لا تنتظر استفحال المشكلة «كمشكلة كثرة مخالفات المطاعم والبوفيهات» كي تبدأ نشاطها.
أن الفكر المبادر ينظر إلى زيادة عدد المخالفات البلدية على أنها مؤشر سلبي ودليل على وجود خلل ما في الإجراءات، وبحاجة إلى المراجعة وليس اعتباره إنجازًا يحسب لهذه البلدية أو تلك أو هذا الجهاز أو ذاك. كما أن التركيز على المبادرات كأساس للتقييم سوف يلغي أي عملية تقييم قائمة على أساس التركيز على معايير الفشل والنجاح، بل ستكون على أساس نسب النجاح المقبولة وجودة الإنجاز.
أن وجود بلدية - في أي مدينة - بلا مبادرات أو إنجازات حقيقية على الارض هو أسلوب - شئنا ام أبينا - لقتل المدينة تراكميًا بمتوالية عشوائية من المشكلات التي تبدأ كمشكلات بلدية ثم تتخذ اشكالًا عدة، وسوف تصبح عاجزة وبلا فعالية حتى الخطوات الرائعة التي تقوم بها الوزارة مثل: قرار إنشاء مكاتب إدارة المشاريع في الأمانات قبل ثلاث سنوات تقريبًا.
لا نريد أن يهزمنا الفشل أو يتسرب لنا الإحباط واليأس، بل ندعو لانتفاضة إدارية على الفشل المتراكم واقتناص وتفعيل المبادرات الخلاقة للانتقال لمرحلة العمل بفكر مبادر قادر على استخدام ميزانيات البلدية الاستخدام الأمثل لتحقيق آمال وتطلعات الناس والمبادرات البلدية المتعلقة برؤية المملكة 2030.