آخر تحديث: 12 / 12 / 2024م - 9:31 م

علاقات سعودية - عراقية من أجل شرق أوسط أكثر استقراراً

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

الصورة التي جمعت ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والزعيم العراقي السيد مقتدى الصدر، تختصر حال التقارب بين الرياض وبغداد، ووتيرة التطور الإيجابي للعلاقات بين الدولتين، والتي يبدو أن الطرفين فيها فضلاً الدبلوماسية والحوار والتواصل، على سياسة الريبة والتباعد والخلاف.

زيارة الصدر سبقتها مشاركة الرئيس العراقي فؤاد معصوم في القمة العربية الإسلامية الإميركية «مايو 2017»، وتلتها زيارة رسمية قام بها رئيس الوزراء حيدر العبادي «يوليو 2017»، وفي ذات الشهر أجرى الملك سلمان بن عبدالعزيز اتصالاً هاتفياً بالرئيس العبادي يهنئه فيه بانتصار القوات العراقية على تنظيم ”داعش“، تلته زيارة قام بها وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي للسعودية، التقى فيها الأمير محمد بن سلمان.

من يتابع هذا الخط الزمني، وخلال أقل من عام واحد، يستنتج أن هنالك نية جدية، تترجم بشكل عملي من الطرفين، بغية أن تحل الملفات العالقة بين الرياض وبغداد، ويتم تعزيز نقاط التفاهم والالتقاء.

العلاقة مع السيد مقتدى الصدر بما يمثله من ثقل شعبي، وما لعائلته من حضور علمي وعاطفي في وجدان قطاعات واسعة من العراقيين وأهل الخليج، هذه العلاقة لم تكن وليدة الساعة. بل كانت هنالك اتصالات سابقة منذ سنوات، وكان هنالك ما يشبه ”ضابط ارتباط“، ينسق العلاقة والتواصل بين السعودية و”التيار الصدري“، إيماناً من الرياض بأهمية الانفتاح على جميع مكونات الشعب العراقي، وضرورة تعزيز عروبة العراق، وربطه بمحيطه الخليجي.

إن علاقات سعودية - عراقية قائمة على التفاهم والحوار واحترام سيادة البلدين، من شأنها أن تخلق شبكة أمان إقليمية، وأن تعزز جهود مكافحة الإرهاب والخطابات الأصولية.

هنالك حروب قائمة في أكثر من بلد تحيط بالسعودية والعراق، وهنالك مليشيات طائفية وإعلام مذهبي، تضررت منه كثيراً الرياض وبغداد، وانعكس سلباً على العلاقة ليس بين البلدين وحسب، بل على جميع دول الإقليم وسمم الأجواء العامة بين الناس بخطابات الكراهية والأحقاد. وهذه ”الطائفية“ التي تطل بخطابها عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية ومنابر المساجد ودور العبادة، من مصلحة البلدين التعاون من أجل مواجهتها، كي لا يستفحل ضررها، ويصعب تالياً اقتلاعها من العقول والنفوس.

كثير من الطائفيين وتجار الحروب والمزايدين، سيتبرمون من أي تقارب سعودي - عراقي، مدعين أن في ذلك مضيعة للوقت، فيما هم يغفلون أن إطفاء نيران الحروب، وتخفيف بؤر التوتر، هو مصلحة ضرورية وملحة، وليست مجرد خيار، أو ترف، أو وجهة نظر.

إن قدر العراق والسعودية بما لهما من تاريخ وثقل شعبي واقتصادي وسياسي، وحضور في وجدان المسلمين، أن تبذلا قصارى الجهد في الوصول إلى تفاهمات حقيقية وقوية، وهي مسألة تحتاج لكثير من الوقت والصبر والحكمة والتضحية. إلا أنها ستكون قاطرة لإخراج المنطقة مما تعيشه من اضطراب وإرهاب.