مختصون: استخدام جملة «رب نفسك بنفسك» مع الأبناء أسلوب غير تربوي
يعمد بعض الأهالي إلى استخدام جملة «رب نفسك بنفسك» في حال إنزعاجهم من تصرف أحد الأبناء أو إصراره على السلوك الخاطئ، فتكون هذه الجملة من باب تفريغ غضب الوالدين والاستسلام للمشكلات التي تصادفهم مع الأبناء.
وبينت الإخصائية النفسية عبير آل عاشور أن هذه الجملة أسلوب غير تربوي تزيد من تفاقم السلوك السلبي لدى الأبناء تجاه آبائهم، مشَّكلةً لديهم حواجز العناد ورفض تقبل تعليمات الوالدين والشعور بعدم أهميتهم داخل الأسرة.
ودعت الأهل إلى الابتعاد عن الأساليب المنفرة في التربية والتي تؤدي إلى زيادة السلوكيات السلبية، مشيرةً إلى تباين أساليب التربية الأسرية ما بين القسوة والدلال والتذبذب والمساواة والحماية الزائدة والتي قد تساهم في قول هذه الجملة للأبناء.
وأرجعت آل عاشور استخدام أحد الوالدين لجملة ”رب نفسك بنفسك“ إلى استسلامهما في التعامل مع المشكلات التي يواجهها الوالدين مع أبنائهم.
وأوصت بإتاحة فرصة تعبير الأبناء عن مشاعرهم تجاه أي موقف، وتدريب الأطفال على الحب والاحترام والثقة في النفس.
ووصفت الإخصائية الاجتماعية والاستشارية الأسرية عقيلة آل حريز جملة ”رب نفسك بنفسك“ بالشماعة التي يعلق عليها الآباء تفاصيل الهروب والتولي والإنزواء والتخلي عن الأبناء.
وأشارت إلى أن سن المراهقة من أكثر الفترات الحرجة التي تعتبر حدا فاصلا في حياة الأبناء، لافتةً إلى أن مشاكل الأبناء يكون بدايتها الخلل في التعامل مع هذه الفترة الحرجة التي يسيئ الأباء فيها التصرف ولا يدرك الأبناء أيضا فيها طبيعة ما يمرون به.
وأوضحت أن هذه العبارة تقال في مناسبة واحدة وطريق محدد، ”ربوا أنفسكم فقد أسسناكم ونحن نثق بكم، ربوا أنفسكم وربوا إخوتكم الأصغر سنا منكم فنحن نعتمد عليكم فقد أحسنا تربيتكم ونضع ثقتنا بكم“.
ودعت آل حريز الوالدين إلى بذل المزيد من المحبة لأبنائهم، محذرة من التسلط على الأبناء، وقالت ”فكم وكم استوقفتني قصص رهيبة مشوهة لدواخل أولاد وبنات جنى عليهم آبائهم بتسلطهم وسلبيتهم وعنادهم وعدم وعيهم أو تفهمهم وتخليهم عن مسؤولياتهم“.
وأكدت على أن التربية مسؤولية الآباء تجاه أبنائهم ولا يمكن عكس الأدوار بصورة أو أخرى.
وشددت على ضرورة الاهتمام والاعتناء بتأسيس الأبناء وتربيتهم تربية صحيحة، مضيفةً إن الإحسان في تربية الآباء لأبنائهم يمكنهم من الإطمئنان على مواجهة واقع التغيرات الحديثة والمتسارعة والاعتماد عليهم لكون أساسهم صحيح وسيربون أنفسهم بصورة حسنة وعميقة وشاملة.
وذكر الاستشاري الأسري هاشم الشرفاء أن هذه الجملة صائبة إذا كانت منطلقة من أبوين واعيين يعطيا للإبن الثقة بالنفس ليتحمل مسؤولية حياته وفِي نفس الوقت يراقبا تصرفاته من بعيد، فيتدخلا للتوجيه في حال أوشك أن يتعدى بعض الخطوط الحمر.
وأضاف من هذا المنطلق لها تأثيرها الإيجابي فتساهم في صناعة أبناء قياديين أصحاب نفوس مستقرة وشخصيات عظيمة، مفيدا بأنها ليست صائبة إذا قيلت للأبناء للتهرب من تحمل مسؤولية التربية أو لعدم امتلاك القدرة والمعرفة للتربية.
ووجه الوالدين الفاقدين للمقدرة المعرفية في التربية إلى الإستعانة بقريب منهم يمتلكها ليقوم مقامهما في التوجيه أو تسجيل الأبناء بشكل مستمر في البرامج التي تهتم بالجوانب الأخلاقية وتنمية الذات.
ونوه إلى أن الأسرة هي اللبنة الأولى والأهم في المجتمع فإن صلحت صلح ما تخرجه للمجتمع من أبناء وبالتالي سينعكس ذلك على صلاح المجتمع ذاته.
وأكد على جميع الآباء أن لا يرضوا لأنفسهم بمعرفة متواضعة في جوانب التربية الأسرية، بل عليهم السعي الحثيث لزيادة مخزونهم المعرفي في هذه الجوانب عن طريق قراءة الكتب ذات الصِّلة ودخول ورش عمل ودورات، فليس مقبول من أحد أن يبرر ضعفه في الجانب التربوي لأبنائه.