الأقصى.. التهويد الممنهج
يشكل قرار إسرائيل الأخير، بمنع الصلاة في المسجد الأقصى، حلقة من مسلسل الخطوات الكثيرة، والمتعددة، التي اتخذتها تل ابيب، منذ احتلالها للقدس عام 1967، فقد بدأت منذ 50 عاما التنكيل بالشعب الفلسطيني، وممارسة الإرهاب بمختلف اشكاله، في سبيل التغيير الديمغرافي الكامل، وإنهاء الوجود العربي في المدينة المقدسة.
محاولات تهويد المدينة المقدسة، قائمة على قدم وساق، اذ تعمد سلطات الاحتلال، لإطلاق العنان للاستيطان اليهودي بشتى الطرق، فمرة من خلال إقامة الوحدات الاستيطانية في المدينة، وتارة أخرى بالاستيلاء على المنازل العربية، وثالثة بإيقاف تراخيص البناء للفلسطينيين، وغيرها من الأساليب التعسفية المختلفة، بغرض تنفيذ المخطط المرسوم في احداث تحول ديمغرافي، في التركيبة السكانية في مدينة القدس.
سياسة غض الطرف، التي تمارسها الولايات المتحدة، والدول الغربية، تجاه الممارسات الإرهابية بحق الشعب الفلسطيني، تشكل احد الأسباب وراء الاستمرار في سياسة الإمعان، والتنكيل بالوجود العربي في مدينة القدس، فالولايات المتحدة توفر الغطاء السياسي، لمختلف الممارسات التعسفية، التي ترتكبها تل ابيب، تجاه المواطن الفلسطيني، من خلال الوقوف امام مختلف المشاريع الساعية، لإدانة تلك الممارسات في المحافل الدولية، مما يشجع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، على المضي قدما في ممارسة الإرهاب، بحق الشعب الفلسطيني.
حالة الانقسام الفلسطيني، تمثل احد الأسباب في استمرار إسرائيل، في سياسة القضم الممنهج للمدينة المقدسة، ففي الوقت الذي تتصارع فيه مختلف القوى الفلسطيني، جراء تفاقم الخلافات السياسية، بين رام الله وغزة، فان إسرائيل تستمر في تنفيذ سياسة التهويد في القدس، فالحكومات الإسرائيلية ترى في استمرار الانقسام الفلسطيني، فرصة سانحة للإقدام على خطوات تصب في المخطط الاستراتيجي، في اعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال، نظرا لغياب الموقف السياسي الموحد، واستمرار الخصام السياسي، بين حكومة عباس، وحكومة حماس في غزة.
الفوضى العارمة، التي يعيشها العالم العربي منذ سنوات عديدة، واستمرار الخلافات العربية، وغياب الموحد العربي الموحد، القادر على ممارسة الضغوط، على القوى الدولية، لإجبار إسرائيل على التراجع عن خطواتها التعسفية، تجاه الشعب الفلسطيني وإيقاف المخططات الاستيطانية،، مجموعة عوامل مجتمعة تصب في مصلحة تل ابيب، فالحكومات الإسرائيلية، تقرأ وتراقب الأوضاع العربية عن كثب، مما يدفعها لاستمرار في سياستها الساعية، لتهويد القدس، فإسرائيل تمارس سياسة التدرج، في اتخاذ الخطوات، بهدف الوصول الى الغاية المرسومة.
الموت السريري للجامعة العربية، وانتهاء دورها على الساحة الدولية، فضلا عن الساحة الإقليمية، يشكل احد العناصر الأساسية، وراء الخطوات التصعيدية الأخيرة، لإسرائيل تجاه المسجد الأقصى، فالحكومة الإسرائيلية تدرك جيدا الشلل السياسي، الذي أصاب مفاصل الجامعة العربية، منذ الربيع العربي، مما يجعلها غير قادرة، على اتخاذ مواقف سياسية ضاغطة، على المجتمع الدولي، لإجبار إسرائيل للتخلي عن الممارسات التعسفية المتخذة، تجاه الشعب الفلسطيني، والعبث بالمسجد الأقصى.