آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 6:12 م

رحل ”شهيد القرآن“ وماذا بعد؟

عالية آل فريد *

كل جريمة مرفوضة بغض النظر عن مرتكبيها، وما حدث للأستاذ أمين ال هاني جريمةً نكراء وعمل غير مشروع يرفضه أي انسان عاقل لا يمت للدين ولا الأخلاق ولا الإنسانية بصلة، إنا لله وإنا اليه راجعون، فجعنا برحيلك أيها الأمين، وياترى كم أمينا ستطاله هذه الفوضىً؟

أمين ال هاني لم يكن رجلا عاديا بل كفاءة علمية وعملية افتقدته محافظة القطيف برمتها تشهد له مواقفه النبيله بحماسة الشباب المتنوع والمتجدد بعطاءه ونشاطاته وخدماته، بهمته العالية وعمله الدؤوب في إصلاح ما يمكن من مشاكل مجتمعه بطيبة قلبه ودماثة خلقه بتواضعه وتعاونه مع العاملين في سلك العمل التطوعي والإجتماعي، في غمضة عين بين عشية وضحاها يفتقد البدر.

لم يخطر ببالي أيها الصديق والأخ العزيز أن اجمع كلماتي اليوم والملم عباراتي لأرد لك جزءا من إحسانك وحسن صنيعك ورقي تواصلك بأن ارثيك شهيدا، لكن هي مشيئة الله وقضائه الذي لا مفر منه الا اليه اسأل الله ان يجعل روحك مع الشهداء السعداء ويمنح أهلك واسرتك واصدقائك الصبر فعزائهم انك شهيد الواجب الإجتماعي والتربوي للنهوض بمجتمعك ووطنك.

ليس مهماً أن يكون لديك أطفالا صغار بحاجة اليك، وليس مهماً أن تحرم منك والدتك وترمل زوجتك، ليس مهماً شعور أهلك وهم يستمعون إلى كيف تمت عملية اغتيالك ويروون قتلك، ليس مهما أن تفتقدك دور الذكر وأروقة الثقافة والعلم وساحة العمل، كل ذلك يهون أمام لقاء الله ورضاه عنك عندما زينك بالشهادة وكنت زينا لها، فتعسا وتبا ليد آثمة عديمة الإحساس والمسؤولية.

أحزننا موتك وآلمنا فقدك ورحيلك وسرق منا بهجة أعيادنا فعزاؤنا وسام شهادتك الذي يفخر بها كل شريف من اهلك وأبناء مجتمعك، لتبقى رمزايضئ سماء المنطقة.

إننا نستنكر ببالغ الحزن والأسى هذه الجريمة الشنعاء وندين الأعتداء والعنف بكافة أشكاله وألوانه.

ولن ينال ذلك من سلمنا ووحدة صفوفنا وانسجامنا الداخلي، فالموقف يومئذ حيث لا مفر من عدالة السماء.

عزاؤنا با أبا أحمد أنك شهيد القرآن ياخادم القرآن وان حدث إغتيالك في أواخر شهر رمضان الكريم شهر الرحمة والعبادات شهر الإيمان والصيام شهر المحبة والسلام، اختارك الله اليه في ليلة من ليالي القدر المباركة وانت تحتضن كتابه بين جوانحك وحنايا قلبك وصدرك لتحلق روحك مع الشهداء يا صاحب الخلق العظيم فهنيئا لك ذلك.

وانني في الوقت الذي أبعث فيه أحر التعازي واصدق المواساة إلى اهالي المنطقة كافة في ذات الوقت انبه إلى إن التمادي والإستمرار في استهداف الأبرياء يوسع الضرر ويفاقم الخطر ويهز أمن المجتمع ويزعزع أفراده ويكرس فيهم نزعة الحقد والغضب والإنتقام، فالعنف لا يحقق الأهداف ولا يبني مكتسبات ولا يجر خلفه غير الهزيمة والخسارة والندم.

إننا نرفض هذه الجرائم أيا كان نوعها وأيا كان فاعلها، ونظرا للخطورة الفادحة التي تحدق بنا جميعا وبسلمنا الإجتماعي علينا بالتعاون جميعا لحماية حصننا الداخلي والحفاظ عليه من التشويه والعبث.

نطالب الجهات المختصة والمسؤولة وكافة الحريصين على أمن المنطقة وإستقرارها بتكثيف الجهود ومضاعفتها للعمل على وقف الاعتداء على الممتلكات والإستهتار بالأرواح البشرية من الأبرياء أيا كان موقعها لما لها من منحنيات خطيرة، مقابل ذلك العمل على بسط سيادة القانون واحترام القانون بالمحافظة على الأمن الداخلي والعمل على كشف ملابسات الجرائم التي تصطاد الخيرة من المواطنين الآمنين ومحاكمة مرتكبيها فهم للأسف من يدفعون الثمن نتيجة اي نزاعات ومصادمات تشتعل في المنطقة..

إن تحقيق الإستقرار هدف للجميع والحفاظ على امن المجتمع يجب أن يكون في واجهة الأولويات، إننا في الوقت الذي نشهد فيه وعي الأهالي وحرصهم على إدانة هذه الظواهر الغريبة على مجتمعنا الطيب والمتسامح في ذات الوقت ندرك جيدا حجم المشكلات وتلاحق الأضرار والخسائر في الأموال والممتلكات وفي تعدد الإصابات التي لم يسلم منها الأهالي خارج موقع الإستهداف ”مسورة العوامية“ مما يستلزم أخذ الحيطة والحذر، والعمل عاجلا على إنهاء ومعالجة الأزمة.

قال تعالى ﴿قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شئ ولا تكسب كل نفس إلا عليهاولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون صدق الله العلي العظيم،،،،

رحم الله شهداء الوطن ورحمك الله يا أمين رحلت ايها الفقيد السعيد وبقيت آهات عارفيك ومحبيك والآف المشيعيين الذين توافدو لعزائك والم الحسرة يكتنز في صدورهم لمكانتك التي افتقدوها بينهم ولصدق اخلاصك وعطاءك رحلت أمينا منا وستبقى أمينا في قلوبنا وذاكرتنا، وسيبقى رفاتك حيا في نفوسنا كلما تصفحنا كتاب الله وكلما رتلنا سورة من سور القرآن الكريم وسيبقى ألف أمين وأمين يسير على دربك فسلاما لروحك الطاهرة.

كاتبة وباحثة سعودية «صفوى».