آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

رب استرني بسترك وَ لا تفضحني بين عبادك

منى الصالح

رب استرني بسترك وَ لا تفضحني بين عبادك

‎ - عبارة استوقفتني كثيراً وَ أنا انتبه لها رغم مُرورها أمام ناظري في ذهابي وَ إيابي في بلد مقدس..!

‎وَ الذي شدني وَ آلمني هو وجود صورة لإمرأةٍ مُحجبة تماماً، ذكرني الدعاء بموقف وقفت أمامهُ مدهوشة حيث سمعت / ‎﴿الله يستر عليك خليهم

‎وإذا بشابٍ خلفي في أحد محلات التغذية يحاول مساعدتي بحمل المشتريات وَ وضعها عند البائع، ولم أدرك لوهلة سبب الكلمة حيث لم أطلب مساعدة وَ لم يصدر مني تصرف غير مقبول، ما الذي فعلته لـ يستِر علي، خرجتُ غَضَبِى، مهزوزةً من الأعماق وَ أعاد لفكري الكثير من المفاهيم المغلوطة وَ التي تُشكل شخصياتنا وَ تُزعزعُ الثقة وَ الدونية في تكوينها دون أن نُدركَ أننا نشاركُ بجريمة التمييز الجنسي الذي مازالت تعاني منه الأمم!

‎حين نرتقي بإنسايتنا وَ يزداد الوعي وَ البصيرة حينها نُدركُ فداحةَ الفقر وَ الأمية وَ نحزنُ كثيراً لطفلٍ يعمل تحت شمس حارقة ليوفرَ لُقمة العيش لعائلة صغيرة تحملها، هذا الوعي ذاته هو الذي يحركنا لرفض هذا التمييز، ألم نصدح بكل منابرنا أنَّ الإسلام دينُ مساواة لم تصلها القوانين الوضعية إلا بعد معاناة طويلة..

‎فمازالت أمريكا وَ هي أم الديمقراطية تعاني من تمييز عنصري بين السود وَ البيض، وَ مازالت مجتمعاتنا تعاني وَ تفقد ملايين البشر نتيجة فوارق دينية وَ مذهبية قولبت عقولنا فبتنا نستشعر أننا شعب الله المختار وَ نُدخل النار من نشاء وَ حسب!

‎تصوراتنا عن ربٍ مُحابي يختص فئة دون فئة وَ أمة دون الأمم:

﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ «113».

‎وَ من هذا التمييز المقيت هو هذا التمييز بين الذكر وَ الأنثى، وَ الواقع الأكثر ألماً هو حين تتضخم عندنا المثاليات وَ ندعي أننا أكثر الأمم التي حققت المساواة وَ احترمت المرأة وَ أعطتها حقوقها!!

‎قد أكون أنا المُخطئة حين تستشعر مثيلاتي أن هذا عناية إلهية وَ أنَّ الله خلقها هكذا وَ أن هذه الاختلافات طبيعية..

‎ لا أدري هل الخلل في عقلي الذي ربيتهُ على أن يكون حُراً وَ يرفضُ العبودية وَ الانقياد لما فيه إهانة إنسانية، أم الخلل في هذه الثقافة التي نشأنا وَ تربينا في ظلالها حتى باتت تشكل فكرنا وَ نفسياتنا بحيث باتت نساؤنا أكثر دفاعاً عن مثل هذه المعتقدات وَ الأعراف من الرجال، وَ إلا لِمَ لا يُرفع هذا الدعاء بجانب صورة لذكر؟!

‎لِمَ دوماً الدعاء الملازم لهويتي الستر، ماذا بي حتى أكون فضيحة وَ عاراً على الأهل وَ المجتمع؟!

‎ما الفرق بين الذكر وَ الأنثى بحيث يترتب عليها الشرف دونه؟!

‎ألا يُشكل هذا عقلية ترسمنا ملامح إغواء وَ شيطنة أينما حللنا بحيث يدعو ذاكَ الشاب لي بالستر وَ أنا بمنزلة أمه غير مدرك للإهانة التي وجهها لي!

‎ما الفرق الإنساني بيني وَ بينه بحيث أكون مثار فساد وَ ذريعة لإنحراف، عليَّ أمام هذا أنْ أتوارى وَ أنْ لا أظهرَ إلا للضرورة وَ أنَّ مُهمتي الأساسية هي المنزل، فصلاتي في بيتي أفضل، علاقتي بالله تحددت بحدود ماهيتي التي هي بحقيقتها عورة!!

‎من أنا؟!

‎أبسط تعريف «عورة»، وَ العورةُ ليس من اللائق وَ ليس من الذوق إظهارها، وَجهي عورة، جسدي عورة، بل حتى صوتي عورة يجب أن لا يسمعه الآخرون فيفتنون!

‎ألا يحقُ لي أن أعترض وَ أنْ أُطالبَ بالعدالة الإلهية وَ قد خلقني للأغواء فقط!!

‎أين إنسانيتي، وَ لِمَ زاد في خلطتي الآدمية الصفات الشيطانية فبت أقرب له وَ قرينتهُ التي يدعى لها بالستر وَ عدم افتضاح أمرها أمام الملأ!!

ماأفهمه عندما ندعو اللهم استرنا،، أو الله الستر.. هي دعوة غير مباشرة لممارسة الستر بيننا نحن الناس.

وكم المجتمع بحاجة إلى ثقافة الستر وعدم نشر الفضائح، فقد عانينا الكثير من هذاالأمر وهذا مالايختلف عليه أثنان.

‎سأُعلن تمردي في ليلة القدر

‎وَ أتبرأُ من كل من لا يعترفُ بإنسانيتي،،،

‎من كل من يراني عورة

‎أحد أحد، فإلهي ربُّ الذكر وَ الأنثى

‎أحد أحد، ف إلهي لا يُحابي وَ لا يستَّعِرُّ مماخلق..!

أحد أحد، فإلهي الغفور الرحيم الذي يحب الستر.