آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 1:07 ص

الأزمة السورية.. المتغيرات الإقليمية

محمد أحمد التاروتي *

تأتي الجولة الجديدة للمباحثات، التي تقودها الأمم المتحدة، لإيجاد اتفاق سياسي الأزمة السورية، في متغيرات متلاحقة بالمنطقة، الامر الذي يشكل دافعا قويا، لإحراز تقدم ملموس، والخروج من الدائرة المفرغة، التي تدورها في فلكها المفاوضات السابقة، جراء الضغوط الممارسة على مختلف الأطراف، من القوى الإقليمي والدولي، مما أدى الى فشل جميع الجهود الدبلوماسية، لأحداث اختراق حقيقي، لتغليب المسار السياسي، على الخيار العسكري منذ سنوات.

التقدم الملحوظ للقوات السورية في ريف حلب، والسيطرة على مناطق واسعة في البادية، وكذلك الوصول الى المناطق الحدودية مع العراق، تمثل ابرز المتغيرات على الساحة الحربية، الامر الذي يشكل منعطفا استراتيجيا، وورقة رابحة على طاولة المفاوضات، خصوصا في ظل التآكل الواضح في المساحات الجغرافية، التي تسيطر عليها المعارضة، خلال الأشهر القليلة الماضية، مما يشكل تحولا لافتا خلال الفترة الاخيرة، بمعنى اخر فان استعادة دمشق لبعض المناطق من داعش، واستمرار اخراج بعض الجماعات من بعض المناطق، سواء ريف دمشق او حمص، أوراق سياسية رابحة يمتلكها النظام، مع حالة الانقسام في المعارضة، جراء الاقتتال الداخلي، في مناطق النفوذ.

اعلان القوات العراقية الوصول الى الحدود السورية، واستعادة منفذ الوليد، الواقع على الحدود العراقية السورية، يشكل ابرز المتغيرات على الساحة الإقليمية، فوصول القوات العراقية للحدود، يحطم الأحلام التي رسمتها داعش للتمدد، وتوسيع نطاق دولتها، بالإضافة لذلك فان استمرار حرب تحرير الموصل، وقرب إنهاء سيطرة داعش عليها، يَصْب من الناحية السياسية، في تسريع المفاوضات السورية - السورية، نظرا لوجود علاقة مباشرة، بما يجري في البلدين من أحداث أمنية منذ سنوات.

بدء قوات سوريا الديمقراطية ”الأكراد“، التحضيرات لإطلاق معركة الرقة، والتي تمثل المعقل الرئيس لدولة خلافة داعش، تشكل بدورها متغيرا استراتيجيا في مسار الأزمة السورية، فالدعم العسكري الكبير من الولايات المتحدة للأكراد، في الحرب ضد داعش، يعطي دلالات واضحة على الدور المستقبلي، الذي سيلعبه الأكراد في المرحلة القادمة، بمعنى اخر، فان الطرف الكردي سيكون تيار سياسي فاعل، في تحديد المسار الدبلوماسي في المفاوضات القادمة.

التطورات السياسية المتلاحقة، وتزايد الخلافات بين بعض الدول المؤثرة، في الأزمة السورية، مثل تركيا مع بعض الدول المساندة للنظام، وكذلك الخلافات الأخرى بين الدول العربية بعضها البعض، ستلقي بظلالها على المفاوضات القادمة، لاسيما وان بعض الدول الإقليمية، ساهمت خلال السنوات الماضية، في إطالة امد الأزمة، عبر الدعم القوي لبعض الأطراف المتطرفة، سواء من خلال الدعم المالي او العسكري، او تأمين الغطاء السياسي في المحافل الدولية، وبالتالي فان التطورات السياسية، ستقود الى مرحلة مختلفة عن المراحل السابقة، جراء غياب الغطاء السياسي القوي، الذي تحظى به في مختلف فصول الأزمة السورية، التي تعيش عامها السابع.

ان التباعد الحاصل بين موسكو وواشنطن، بشأن تسوية الأزمة السورية، واختلاف وجهات النظر، فيما يتعلق بالآلية المناسبة لإسكات الرصاص، في العديد من المدن السورية، ما تزال قائمة بين الطرفين، الامر الذي يفسر الحضور العسكري اللافت للبلدين في سوريا، وبالتالي فان طبخة الحل السياسي لم تنضج بشكل كامل، بيد ان المتغيرات المتلاحقة تدعم المسار السياسي، باعتباره الخيار الذي يَصْب في مصلحة الأطراف، خصوصا وان وصل الى قناعة بصعوبة الحسم العسكري.

كاتب صحفي