هل ممارسة الرياضة أمر واجب؟
كانت تسير مع كلبيها بهمة، في أحدى مدن الولايات المتحدة الأمريكية، استوقفها وأخذ معها صورة «سيلفي» سألها وهي التي تجاوز عمرها السبعين عاما، ماهي المسافة التي تقطعينها يوميا؟ فأجابت 19 ميلا يوميا، سيدة بهذا العمر تسير يوميا هذه المسافة، بالرغم من أن السنين أخذت منها الكثير، فكان النحول باديا على وجهها بل جسمها كله، والضعف واضحا على وجهها.
عندما سمع صديقنا الآخر هذه القصة، لم يتعجب وأضاف - وهو المرافق لابنته للدراسة بالولايات المتحدة - إننا كمجموعة كنّا نسير يوميا قبل موعد الافطار بمعدل ساعتين، وصادف أن مر علينا رجل ذات يوم ونحن نمشي، بينما كان يجري وقد تجاوز عمره السبعين على الأقل، وبعد ساعة أخذ دورته على الجبل، ومر علينا ثانية وهو لا يزال يجري، فهذا الرجل السبعيني يمارس الجري اليومي لساعات وليس المشي، ولسان حال هذا الصديق يقول، اننا كنّا في ما بيننا نتفاخر اننا نمارس المشي لساعتين يوميا وإذا بهذا الرجل الأكبر سننا منا يمارس الجري لساعات، ومن المؤكد انها بشكل يومي.
وذلك تطبيقا للكثير من النصائح الطبية التي تدعو للمشي اليومي على الأقل لمدة نصف ساعة والبعض يشير الى 40 دقيقة، والبعض الآخر ينصح بالمشي السريع أو الجري، لما لذلك كله من أثر كبير على صحة الفرد، ويظهر ذلك جليا على الصحة العامة للأفراد والشكل العام الخارجي، فقد يبدو لك ابن السبعين كأنه ابن الخمسين في بعض الأحيان، وابن التسعين كأنه ابن السبعين.
وهذا ما حدث لي مع سيدة التقيتها في أحد المصاعد وصادف ركوب رجل كبير في السنة لعله جاوز التسعين، ويداه ترتجفان، وبعد أن خرج من المصعد، تحدثت تلك السيدة عن نفسها قائلة «إنني محظوظة بهذه الصحة وأنا بهذا العمر» فعلا كان هندامها مرتبا وجسمها مستقيما دون الاستعانة بعكاز أو خلافه، وهي تلبس حذاء رياضيا، فسألتها كم عمرك؟ فقالت تسعون عاما، بالتأكيد لم أكن أتوقع ان تقول هذا الرقم على الإطلاق، ولكن هذا ما حدث بالفعل.
لا شك ان الاهتمام بالرياضة والمشي لها أثر عليها وعلى الكثير من مواطني الدول الغربية، ولا شك أن الكثير من الأمراض التي نعاني منها لها علاقة بقلة الحركة في مختلف المراحل العمرية، وبالرغم من أننا تحدثنا حول هذا الموضوع في العام الماضي، الا أنه ولأهميتة ولبعض التطورات التي حدثت، كان لزاما علينا إعادة الحديث حول الموضوع، فقد تشكل بعد ذلك التاريخ تقريبا القسم النسائي لهيئة الرياضة والشباب برئاسة سمو الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، وهذا مؤشر إيجابي مهم جدا، ولعله يفتح المجال بشكل أكبر للفتيات في ممارسة الرياضة.
فبالرغم من أن هناك تقصير كبير في ممارسة الرياضة بالنسبة للشباب والرجال تحديدا، الا أن هذا النقص يعتبر كبير جدا في ما يتعلق بالفتيات والسيدات، وإن فتح هذا المجال يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تقوية البنية الجسمانية وبالتالي الصحية للسيدات في بلدنا.
أما التطور الثاني فهو انتشار فرق المشاة على مستوى المملكة، ففي محافظة القطيف تم تكوين فريق مشاة سيهات قبل عدة أشهر، كأول فريق مشاة على مستوى المحافظة، وقد ضم فريق مشاة سيهات ما يقارب ال 60عضوا يمارسون رياضة المشي والتمارين الرياضية ثلاث مرات أسبوعيا، كما تشكل قبل فترة فريق مشاة صفوى وهناك فريق مشاة الأحساء وفريق مشاة الشرقية، وهم ضمن 50 فريق مشاة على مستوى المملكة يتواصلون مع بعضهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويتبادلون الخبرات والنصائح، استشعارا منهم بأهمية المشي وضرورته.
يبقى السؤال، ما أهمية هذه الرياضة؟ وماهي ضرورتها، إن الملايين من المواطنين مرضى، حيث يعانون من مشاكل صحية عديدة، كمشاكل الركب وآلام المفاصل وآلام الظهر وغيرها من الأمراض، وإذا علمنا أن مارسة الرياضة كفيلة بعلاج أغلب تلك المشاكل أو الحيلولة دون حدوثها، فهل نستطيع أن نقول أن ممارسة الرياضة أمر واجب؟