آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 2:20 ص

ثقافة الأقنعة

إزالة الأقنعة التي تحجب رؤية عيوب الطرف الاخر، ليست سهلة ولكنها ممكنة، خصوصا وان البعض يتقن لعبة التخفي وراء الأقنعة، التي يلبسها على الدوام في التعاطي مع الاخرين، بحيث يظهر الصورة الجميلة، ويخفى الوجه الاخر القبيح،

﴿وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، اذ يعمد لصرف الأموال الطائلة في تبيض صورته امام الطرف الاخر، مما يجعله ملاكا طاهرا ونقيا ومسالما، وغير قادر على إلحاق الأذى بالاخر، انطلاقا من مجموعة القيم الأخلاقية، التي يحملها ويدافع عنها على الدوام.

عملية نزع تلك الأقنعة، والتعرف على الصورة الحقيقية، تحتاج الى بعض الجهد، فهناك بعض الأشخاص لا يتطلب الامر، سوى الاحتكاك المباشر لاكتشاف الوجه الغامض، او المسكوت عنه، بينما يتطلب التعرف على بعض الشخصيات، الدخول معها في مشاريع مالية، لاسيما وان المعاملات المالية، تمثل احد الأسباب لإظهار مستوى الأخلاق، التي يروجها البعض، فيما يشكل السفر احد الوسائل الرئيسيّة، في نزع الأقنعة، التي يلبسها البعض، في مختلف التعاملات اليومية.

ثقافة الأقنعة وسيلة رخيصة، يلجأ اليها البعض، لتحقيق مكاسب اجتماعية، او محاولة التسلط، على رقاب الاخرين، اذ يعمد هؤلاء الى تشغيل الماكنة الإعلامية، لتبيض الملف الشخصي، ومحاولة إعطاء انطباعات إيجابية، خصوصا وان التاريخ غير المشرف لدى بعض الفئات، يدفعها لانتهاج سياسة مغايرة تماما، فيما يتعلق بالتعاطي مع الملفات الاجتماعية، سواء كانت هامشية او جوهرية، من اجل احداث اختراق حقيقي، او شكلي في البيئة الاجتماعية.

لَبْس الأقنعة المزيفة، التي تظهر الصورة الجميلة، احدى مصاديق النفاق الاجتماعي، الذي يشكل احد الأمراض الخطيرة، التي تعاني منها العديد من المجتمعات البشرية، ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ فهناك شرائح اجتماعية تحاول العيش بخلاف الواقع، وترسم عالما افتراضيا، في مخيلة الطرف المقابل، بغرض احداث نوع من الانبهار لدى المتلقي، لغاية في نفوس تلك الأطراف، بمعنى اخر، فان عملية التجميل الزائفة، تشكل خللا في التركيبة الاجتماعية، تحاول بعض الأطراف استغلالها، بما يحقق بعض المكاسب المعنوية والمادية.

التعامل بعدة وجوه في الحياة، يمثل لعبة مسلية لدى بعض الأطراف، باعتبارها وسيلة سهلة، لفتح بعض الأبواب المغلقة، اذ تعتبر الأقنعة المتعددة طريقة مناسبة، لتجاوز جميع الحواجز الاجتماعية، التي تعترض سبيل تحقيق بعض النجاحات الانية، او الحقيقية، وبالتالي فان ارتداء القناع بمثابة تعاطي مع واقع مريض، يفضّل استخدام مثل هذه الأساليب، في الكثير من القضايا الاجتماعية، سواء الثقافية، او الاقتصادية، او غيرها من الملفات المختلفة.

كاتب صحفي