جريمة لندن.. سناريو القتل
أعاد سيناريو عملية الدهس الجماعي في لندن، ذات المشهد الذي سجلته فرنسا أواخر العام الماضي، اذ استخدمت الطريقة نفسها في ارتكاب القتل الجماعي، حيث عمد السائقين في الحادثتين للقتل المعتمد للأبرياء، الامر الذي يكشف مدى عشق حملة الفكر الاجرامي لإراقة الدماء البريئة، وبالتالي فان استخدام الشاحنات باتت طريقة أخرى، من طرق ازهاق الأرواح في مختلف الطرق، والبلدان العالمية.
استخدام المركبات لارتكاب جرائم القتل الجماعي، لا يختلف عن الوسائل التقليدية المستخدمة، من قبل الجماعات المتطرفة، فالقاسم المشترك في مختلف «الغزوات»، يتمثل في إشاعة الفوضى، وادخال الرعب في النفوس، الامر الذي يسهم في إيصال رسائل سياسية، عديدة لمختلف المحافل الدولية، والعواصم العالمية، خصوصا وان اختيار الهدف والمدينة يكون بعناية فائقة، من قبل الجماعات المتطرفة، اذ تحاول من خلال تحريك الخلايا النائمة، تحقيق مكاسب سياسية بالدرجة الأولى.
الاستقرار السياسي، والأمني، وقوة الاجهزة الأمنية، في العواصم الأوروبية، تشكل أبرز العراقيل، التي تحد من حرية حركة العناصر الإرهابية، والخلايا التابعة لها، مما يدفعها للبحث عن وسائل للتهرب، من المتابعة الاستخباراتية في تلك البلدان، وبالتالي فان القيام بأعمال تفجيرية منظمة ومقعدة، ليست بالسهولة، جراء الإجراءات الأمنية المشددة، مما يدفع تلك العناصر لاختيار الوسائل المتاحة، البعيدة عن الرقابة الأمنية الشديدة، الامر الذي يفسر اقدام بعض العناصر، على القيام بمحاولات انتحارية، على غرار عمليات الدهس التي تطال الأبرياء.
الجماعات الإرهابية، تدرك صعوبة احداث زعزعة الاستقرار الأمني، في غالبية الدول الأوروبية، لذا فإنها تسعى للقيام ببعض الاعمال، بين فترة وأخرى، كنوع من إثبات الوجود، ومحاولة إيصال رسائل، منها بالقدرة على كسر الطوق الأمني، المفروض عليها، بيد ان تلك المحاولات تبقى في إطار الانتقام، على سلسلة الهزائم، التي تتكبدها في غالبية الساحات التي تتواجد فيها، لاسيما وان غالبية الأهداف التي تختارها العناصر الإرهابية، ليست أهدافا استراتيجية، او أجهزة أمنية، وإنما أهداف سهلة للغاية سواء في الطرقات، او الملاعب او المقاهي، او غيرها من الأهداف المدنية السهلة.
العمليات الإرهابية التي ترتكبها الجماعات المتطرفة، في البلدان الأوروبية، لا تختلف عن الاعمال الوحشية، التي تمارسها في العالم العربي، فهذه الجماعات تمارس العنف بشتى اشكاله، منذ عقود عديدة، بيد ان سطوة هذه الجماعات، برزت بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وقبلها النجاح في اسقاط حكومة طالبان، في أفغانستان في عام 2001، حيث عمدت هذه الجماعات اتخاذ التواجد الأمريكي، غطاء لارتكاب أفظع الجرائم، بحق العديد من الشعوب العربية، اذ تفننت هذه الجماعات في عمليات القتل، دون التفريق بين المدني والعسكري.
الربيع العربي بما حمله من «فوضى خلاقة»، منح الجماعات المتطرفة مناخا واسعا، لممارسة الإرهاب العسكري والفكري، خصوصا وان الإمكانات المالية الضخمة، التي توافرت لديها، شكلت عنصرا حيويا في تمويل مختلف العمليات الإرهابية، بمختلف البلدان، فالسيطرة على أجزاء من سوريا وليبيا والصومال والعراق، ساهم في التحكم في الموارد الطبيعية في تلك المناطق، مما أدى لتشكيل قوة اقتصادية، قادرة على التمويل الذاتي، وتفريخ العناصر المتطرفة، في الكثير من دول العالم.