الجريمة وأرتباطها بالنفس البشرية
خلق الله عز وجل الأنسان في أبهى صورة وأجمل تكوين وحباه بخصوصيتين تفرد بهما دون سائر الخلق وهما العقل والنفس.
فالعقل وهو مصدر التحكم في سائر الجسد والجوارح ولعل أبرز ما يسيطر على الأنسان هي النفس لأنها تأمر العقل والروح بالخطأ والخطيئات حيث ورد ذكرها في عدة آيات كريمات قال تعالى «وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ألا ما رحم ربي» وقوله تعالى فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين».
إذا فالجريمة تبدأ من نزعات غير طبيعية تفرزها النفس ويفقد العقل السيطرة وتحويل مسارها من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي حالات نادرة جدآ
وإلا لو كان العنان متروكآ للنفس لأصبح البشر متفوقين على الحيوانات المفترسة وأصبحنا جميعآ رهينة لتلك العاهات والإجرام متقاتلين، يقتل بعضنا بعضآ وقد قرأنا في الأيات الكريمات كيف أبني أبو البشر آدم قتل آحدهما الآخر، قابيل قتل هابيل لمجرد الغيرة فقط.
فالرغبة النفسية للإجرام والعنف والعداء وأرتكاب المحرمات مغروسة داخل النفس بدون أدنى شك فكيف أخضعها سبحانه وتعالى وروضها ليجعل من الأنسان أكرم المخلوقات وأفضلها، فالنفس أولآ لم يخلقها الله بتوجه نحو الشر المطلق بل ألهمها فجورها وتقواها وقوله تعالى «قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» فالأنسان بنفسه وعقله يقدر يملك قراره الصائب دون غيره وأن الله سبحانه فطر الإنسان على الحب والسلام والطمأنينة والأمان والسكينة وهي مجتمعة تعني الإيمان بالله وحده لا شريك له وهو الأمن المطلق الذي أراده سبحانه لنا وضرب لنا به الأمثال في كتابه العظيم قال تعالى «أدخلوا مصر أن شاء الله آمنين» وقوله تعالى «الذين أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف».
إلا أن الأنسان بجهله بغروره والأهم بعدم تحكمه بنفسه وعقله يعود ويعيش حالات من العنف وعدم الأستقرار رغم ما وفر الله وسخر له من العلم والمعرفة وقد رأينا كيف دمرت دولآ بالكامل بعد أن كانت مزدهرة ومتحضرة.
كيف يصبح الأنسان عدو نفسه ويدمر ذاته، كيف ينحرف إلى القتل والتذمير والذهاب إلى المجهول بأهله ووطنه بتقليد أعمى وتعصب بغيض وفكر ضال يحمل العنف والكراهية لأهله لوطنه لنفسه ولكل البشر.