تجليات رمضانية - 4
إنَّ أعظم معاركنا - كبشر - يتم خوضها في حجرات صامتة داخل أنفسنا، وهناك - في نفس كل إنسان - تُصنع الانتصارات الحقيقية.
وبمقدار استجابتنا الوجدانية والسلوكية لما يحبه الله سبحانه وتعالى يكون هو الفيصل بين حقيقة حب الله وادّعائه، وروعة انعكاس هذا الحب في أنفسنا.
والغاية الأولى في الصوم تعبّدٌ مثالي، وزهدٌ حقيقي، لما فيه من الاستعانة على تقوى الله تعالى، بحيث يترك محبوبات النفس من شراب وطعام وجنس وغيرها إيثاراً لمحبة الله ومرضاته، فهي رحلة جميلة للتأمل في ذات كل إنسان بعيداً عن مشتهيات الجسد..
وليس الامتناع عن الأكل والشرب، وسائر ما يتحقق به شكل الصوم، إلا مدخلاً بسيطاً إلى الصوم الحقيقي. يقول الإمام في دعائه: ”وبلِّغْنا شهرَ الصِّيام، ولا تجَعلْ حظَّنا منه الجوعَ والعطَش“.
ويقول أمير المؤمنين : ”فَرَضَ اللهُ... الصِّيَامَ ابْتِلَاءً لإِخْلَاصِ الْخَلْقِ“.
?وقد يؤدي هذا المدخل إلى التقوى، ﴿لعلّكم تتّقون﴾، إذا فهمنا الطريق الصحيح لحركة العبادة، و”التقوى“ هي إقامة العدل في دولة النفس.. ?
?فالتقوى توبة وكَدْح، والتوبة ثورة، والكَدْح سعيٌ وجهاد، ﴿يا أيها الإنسان إنَّك كادحٌ إلى ربّك كدْحاً فملاقيه﴾. ?