نشر الغسيل
يتعامل البعض بطريقة قذرة للغاية، بمجرد حدوث خلاف، سواء كان جوهري او ظاهري، اذ يعمد لنشر غسيل الطرف الاخر على الملأ، بهدف تعرية الطرف المقابل، ومحاولة تحميله مسؤولية تدهور الأوضاع، وحدوث الشقاق، وانتهاء شهر العسل القائم، بين الطرفين في المرحلة السابقة.
التلذذ بفضح الطرف الاخر، ومحاولة كسب الجولة عبر الغوص، في الملفات الشخصية، تكشف المبادئ الأخلاقية التي يحملها البعض، في أوقات الصراع، فهذه الطريقة بعيدة كليا عن استخدام الخلاف القائم، بالطرق المشروعة في الانتصار لمواقفه، اذ يحاول البعض الوصول الى إسقاط الطرف المقابل، عبر إماطة اللثام عن المفات المسكوت عنها، وإظهار للعلن بشكل سافر، وغير مقبول على الاطلاق.
البعض يعطي نفسه الحق في ممارسة الفوقية على الطرف الاخر، بحيث يرفض جميع محاولات إثبات الذات، والسعي للتخلص من الوصاية، بمعنى اخر، فان محاولات التخلص ”العبودية“، تعتبر خطا احمر وجريمة كبرى لا تغتفر، مما يمهد الطريق للدخول في المواجهة المباشرة، لاجبار الطرف ”العاق“ للعودة مجددا لبيت الطاعة، والوقوف امام جميع التحركات الساعية، لرفض الوصاية بمختلف اشكالها، لاسيما وان مرحلة الرشد تدفع باتجاه اختيار الطريق الخاص، دون توجيه او تأثير من الطرف الأكبر.
تبدأ مرحلة الخصام، بمجرد بروز بوادر للخروج عن بيت الطاعة، مما يدفع صاحب اليد الطولى، لاستخدام نفوذه الاجتماعي للحيلولة دون ذلك، إذ تبدأ الجهود في الخفاء لحل الخلافات، بعيدا عن الأضواء، باعتبارها خطوة أساسية وضرورية، ولكن إصرار جميع الأطراف على مواقفها، وعدم تقديم تنازلات تجيسهم في تسريب الخلافات في المجتمع، من اجل ممارسة الضغوط من جانب، ومحاولة تبرئة الذات من جانب اخر، اذ يحاول كل طرف تحميل الطرف الاخر مسؤولية الخلاف القائم.
نشر الغسيل لعبة وسخة، وغير مقبولة على الاطلاق، حيث يتحرك كل طرف اثارة الملفات السرية لكل طرف، خصوصا وان الحروب الإعلامية تسقط جميع المحرمات، وتشكل نقطة للوصول لمرحلة اللاعودة، اذ يلجأ البعض لاستخدام الملفات السرية، لفضح الطرف الاخر، لاسيما وان الدخول في مرحلة اللعب بجميع الأوراق، تأتي بعد استنفاذ جميع الوسائل، لإعادة الوئام بين الطرفين، اذ يعتبر الفرقاء ان تعرية كل طرف، يحرجه أمام البيئة الاجتماعية، نظرا لتناول ملفات حساسة، وغير معروفة للجميع، وبالتالي فان اللعب بالنار، يشكل أبرز ملامح مرحلة الصراع، بين الأطراف المتخاصمة.
عملية إيقاف نشر الغسيل، تتطلب تحركات جادة تتحملها أطراف محايدة، بهدف تضييق هوة الخلافات بين الأطراف المتنازعة، بيد ان النجاح في مهمة إعادة الوئام بين الخصماء، ليست بالسهولة، نظرا لتباعد المواقف، واختلاف وجهات النظر، فيما يتعلق بإطلاق شرارة الخلاف، مما يستدعي استخدام الحكمة، والتحرك على نقاط الالتقاء كمرحلة أولى، والابتعاد عن المفات الخلافية قدر الإمكان، من اجل تهيئة المناخ وإيجاد ارض محايدة للوقوف عليها، بمعنى اخر، فان إيقاف نشر الغسيل ليس بالسهولة، ويتطلب تحركات صادقة، ونوايا حسنة بعيدا عن المصالح الذاتية، التي تحرك البعض لمحاولة الاصطياد في الماء العكر، ومحاولة استغلال مثل هذه الظروف، لتسجيل مواقف تجاه جميع الأطراف.