تجليات رمضانية 1
علينا أن نؤمن بوجود قوة التغيير في أعماقنا، وأن نثق ثقة مطلقة بأننا سنصل إلى هذه القوة. ونكون بذلك قطعنا نصف طريقنا نحو التغيير.
ويمكن لكل فرد منا أن يحصل على هذه الثقة بأن يقنع نفسه بأنه سيتغير؛ لأنَّ أسرتك تطلب منك ذلك، والحياة - بما فيها - تطلب ذلك منك أيضاً.. وقبل كل ذلك الله سبحانه يطلب منك أن تتغير: ﴿إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.
فهناك تغيير يجب أن يبدأ من داخل النفس، وسوف يؤدي ذلك إلى تغيير في الظروف المحيطة بك، وهذا كلام الله لنا ويجب أن نثق به.
إذن.. ساعد نفسك على اتخاذ القرارات، ولا تقل لم يعد هناك وقت، أو تقول لقد كبرت على أن أحدث تغييراً بحياتي.. لأنَّ الإنسان إذا افتقد الثقة في نفسه فإنه لن يستطيع أن يحقق أي إنجاز، وسيكون وجوده في الحياة بلا قيمة تذكر.
ولو تأملنا كلَّ شيء من حولنا نجد أنه في حالة تغير دائم، الماء الذي نشربه، الطعام الذي نأكله، اللباس الذي نلبسه، حتى الناس من حولنا يتغيرون..
فلماذا تبقى على كما أنت؟.. لا بدَّ لنا من اتخاذ إجراءات يضمن لنا السعادة في الدنيا والآخرة.
ولعل السبب الرئيس في أنّك لا تتغير، أنك - ككثير ممن حولك - لم تدرك قوة التغيير في أعماقك، ولذلك تجد نفسك باق على ما أنت عليه.
عليك أن تتأمل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾.. كم تعطيك من قوة لتغير نفسك باتجاه الأفضل، ولتدرك من خلالها أنَّ الله معك.
وليس معنى التغيير أن يتبدل الإنسان كلياً، بل يسعى لتربية التنظيم في سلوكه على الصعيد النفسي؛ من خلال تنظيم المعيشة مما يحقق الوفر والاقتصاد إذا التزم الصائم بآداب الصيام، يقول الإمام الصادق : ”ليس بدّ لابن آدم من أكلة يقيم بها صلبه، فيجعل ثلث بطنه للطعام، وثلث بطنه للشراب، وثلث بطنه للنَفَس“.
إنَّ مكارم الأفعال تقوم بمساهمة فعالة في تنمية ملكات الخير، وتربية نوازع الإنسان الخيرة.. فهي تربي الإحساس والرغبة الذاتية في التسامي نحو الخير والتكامل، ويحقق التفوق على الحد الأدنى من الالتزام والاستقامة، ويربي الشخصية على روح المبادرة والتطوع بفعل الخير.
وقد روي عن الحسن : ”الَّذِي يَفُوقُ النَّاسَ فِي الْعِلْمِ جَدِيرٌ بِأَنْ يفُوقَهم بِالْعَمَلِ“، وكان من تمام تمسك الحسين بهذا المعنى العظيم وتذكيراً لنفسه به فقد نقش خاتمه ”عَلِمْتَ فَاعْمَلْ“.
إنك بحاجة ماسة إلى جهاد النفس، وجهاد التعلم، وجهاد الدعوة إلى الله، وجهاد الصبر،...
ولنتهيأ فرصة التغيير في شهر رمضان الكريم، وما فيه من فرص التغيير "إِنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ فِي هَذَا الشَّهْرِ مُفَتَّحَةٌ، فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لا يُغَلِّقَهَا عَنْكُمْ، وَأَبْوَابَ النِّيرَانِ مُغَلَّقَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لا يُفَتِّحَهَا عَلَيْكُمْ، وَالشَّيَاطِينَ مَغْلُولَةٌ، فَاسْأَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ لا يُسَلِّطَهَا عَلَيْكُمْ".
مبارك عليكم حلول شهر رمضان المبارك