اوبك.. الهم المشترك
اتفاق اوبك على تمديد خفض الإنتاج، حتى مارس القادم، يسهم في تعزيز الجهود، لإعادة التوازن للأسعار، وامتصاص الفائض، من الاسواق النفطية، مما يمهد الطريق امام احداث توازن، بين العرض والطلب، وبالتالي قطع الطريق امام مزيد من التدهور، في القيمة السوقية للذهب الأسود، خلال الأشهر القادمة.
التجربة المريرة التي عاشتها جميع الدول المنتجة للنفط، منذ منتصف عام 2014، بعد انهيار الاسعار لمستويات، دون 30 دولارا للبرميل.. تلك التجربة القاسية، شكلت نقطة التقاء لجميع الدول من اوبك وخارجها، لاعادة رسم سياستها النفطية، بما يحقق المصالح المشتركة، سواء للدول المصدرة او المستهلكة، الامر الذي دفع مختلف الدول المنتجة للتحرك الجاد، لوقف نزيف الأسعار، ومحاولة التحكم في مستويات الإنتاج، لامتصاص التخمة من الفائض، الذي يتجاوز 2 مليون برميل يوميا، اذ يقدر الانتاج اليومي على المستوى العالمي حاليا، بأكثر من 95 مليون برميل.
الاستقرار الذي سجلته اسعار النفط، خلال الأشهر الماضية، بعد الاتفاق على خفض الإنتاج، في نوفمبر الماضي، حفز الدول المنتجة على تعزيز الاتفاق بخطوات اخرى، بهدف إعطاء زخم إضافي لبقاء الأسعار، عند مستويات فوق 50 دولارا للبرميل، نظرا للآثار السلبية الناجمة على اقتصاديات الدول النفطية، جراء انخفاض اسعار النفط في السوق العالمية، وبالتالي فان الرغبة الصادقة في تعديل الأسعار، شكلت المنطلق الأساس وراء موافقة أوبك، لتمديد اتفاق خفض الإنتاج، لمدة 9 أشهر اخرى.
الاتفاق السعودي - الروسي الأخير، أعطى دفعة قوية للتحكم في مستوى الانتاج، خصوصا وان البلدين يشكلان ثقلا كبيرا في السوق النفطية، نظرا للطاقة الإنتاجية الكبرى لديهما، فالمملكة تنتج أكثر من 10 مليون برميل يوميا، فيما تنتج روسيا اكثر من7 ملايين برميل يوميا، وبالتالي فان اتفاق الكبار على ضبظ مستوى الإنتاج، ومراقبة السوق النفطية، يسهم كثيرا في خلق واقع جديد، مما يحدث انعكاسات إيجابية على الاسواق العالمية، ويشكل محفزا لصغار المنتجين على الانخراط، في تفاهمات الكبار، خصوصا وان المصالح المشتركة، تدفع باتجاه تدعيم كافة المساعي الرامية، لاستعادة النفط عافيته مجددا، بعد نحو عامين من التراجع.
لا ريب ان الاتفاق خطوة أساسية، لإبداء الرغبة في تحسن اسعار النفط، في السوق البترولية، بيد ان الرغبة ليست كافية دفع الاسعار للارتفاع، مما يتطلب ربط الاقوال بالافعال، من خلال الالتزام بالحصص الإنتاجية المقررة، للقضاء على تخمة المعروض، لاسيما وان الخلافات السياسية والأوضاع الاقتصادية الصعبة، لبعض الدول النفطية، تدفع للالتفاف على الاتفاق، الامر الذي يشكل ضربة قاصمة لاتفاق اوبك، بمعنى اخر، فان الفترة القادمة تمثل فترة اختبار، ينبغي اجتيازها باقل الخسائر، وإيصال رسائل لدى الدول المستهلكة، بضرورة إعادة تقييم السوق، بما ينسجم مع التطورات المستخدمة، الامر الذي ينعكس بصورة على القيمة السوقية، للنفط على المستوى العالمي.