آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

القرارات.. والمصالح الشخصية

عبدالله الحجي *

طُلب من أحد المديرين أن يرشح بعض الموظفين الذين يعملون معه من ذوي الخبرات لنقلهم لتدشين وتشغيل معمل جديد في نفس المنطقة، فاعتذر في بداية الأمر بسبب نقص الموظفين ولكن بسبب الضغط المتواصل من الرئيس الأعلى اتفق مع رؤساء الأقسام بأن يختاروا بعض الموظفين الذين يرغبون التخلص منهم والتنازل عنهم للمعمل الجديد. تم الإختيار وأرسل القائمة لرئيسه وأبدى الاستعداد والاهتمام بدعم وتدشين المعمل الجديد فتلقى أجمل عبارات الشكر والتقدير من رئيسه. وبعد أسبوع من ذلك كانت المفاجأة له بأن وصلته رسالة من الرئيس الأعلى بتعيينه مديرا للمعمل الجديد. فما كان منه إلا أن التحق بالموظفين الذين أراد التخلص منهم وليعيش الوضع من قرب ويستشعر الحاجة الماسة للموظفين لتدشين المعمل الجديد.

يعمد بعض المسؤولين إلى اتخاذ قرارات تتماشى وتتوافق مع ظروفهم وأهوائهم ورغباتهم ومصالحهم الشخصية ومايجلب لهم الخير والمنفعة. المصلحة الشخصية عندهم مقدمة على المصلحة العامة وقبل اتخاذ أي قرار يدرس المسؤول ويقيم مدى تأثيره الإيجابي والسلبي على نفسه قبل أن ينظر لتأثيره على المجموعة المعنية. فإذا كان هو مستفيد من القرار ماديا أومعنويا أو لنيل الشكر والتقدير والارتقاء في السلم الوظيفي أو النفوذ والوجاهة دعمه بكل مايملك من قوة وسلطة، وأظهر الجانب الإيجابي وأخفى الجانب السلبي بلامراعاة للآخرين وما ينتج عنه من آثار سلبية وأضرار جسيمة.

مثل هذه القرارات يُصاب صاحبها بنكبة ويكون في مواقف محرجة عندما تدور العجلة أو تتغير ظروفه ويصبح في الموقع الآخر الذي تعيشه المجموعة فتنكشف نواياه السيئة وتتجلى أنانيته التي جعلت القرار يصب في مصلحته ولم يعبأ بمن حوله ومدى تأثرهم. وأحيانا تكون النتائج وخيمة وتكون القرارات وبالا وضررا على صاحبها ينتهي مصيرها بالقضاء على مستقبله.

لاشك بأن رضا الناس غاية لاتدرك ويستحيل أن يكون القرار متوافقا مع رغبة كل منهم لأن كل شخص ينظر من زاوية ضيقة ويركز على مصلحته هو فقط، غير مكترث بمن حوله وظروفهم. وعليه لايمكن لأي قرار عام أن ينال الرضا من الجميع بل حتما سيكون له معارضون ومؤيدون كل حسب مصلحته. ولتقليل نسبة الرفض يتطلب الأمر جمع أكبر عدد من البيانات ودراستها دراسة مستفيضة والاستماع لبعض الآراء بالتجرد من المصلحة الشخصية ومراعاة ظروف الأغلبية ومايعود عليهم بالمصلحة والنفع. فكل قائد هو مسؤول عن رعيته كما ورد عن المصطفى ﷺ: ”كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته“. ومن منطلق هذه المسؤولية لايمكن أن يكون اتخاذ القرارات بتهميش المصلحة العامة والتجرد من الأمانة والنزاهة والإخلاص في سبيل المصلحة الشخصية.