معركة الموصل.. والضغوط الدولية
شارفت معركة الموصل، التي أنطلقت في أكتوبر الماضي، على الانتهاء في ظل التقدم المستمر للقوات العراقية، في الجانب الأيمن، بعد تحرير الضفة اليسرى من سطوة داعش، التي استمرت لأكثر من عامين.
التقدم السريع الذي صاحب انطلاق عملية تحرير الموصل، وقضم العديد من القرى القريبة من المدينة، شكل دافعا قويا لدى الحكومة العراقية، بسرعة حسم المعركة المنتظرة، بيد ان الأمور اختلفت كيثرا جراء الأساليب التكتيكية، التي يتبعها داعش في إطالة امد المعارك العسكرية، الامر الذي دفع الحكومة العراقية، لإعادة رسم الخطط العسكرية، بما ينسجم مع الوقائع على الأرض، لاسيما وان التنظيم الإرهابي، لا يتورع عن ارتكاب أقذر الأساليب، في سبيل التشبث بالمواقع التي يسيطر عليها.
عملية ”قادمون يا نينوى“، استدعت تقديم الكثير من الشهداء، على مدى الأشهر السبعة الماضية، خصوصا في ظل استخدام داعش اُسلوب السيارات المخففة، التي يزج بها باتجاه القوات العراقية في الشوارع الضيقة، خلال الفترة الماضية، بيد ان تكتيك العمليات الانتحارية لم توقف الحملة العسكرية، الامر الذي انعكس بصورة مباشرة، على استنزاف الرصيد البشري لعناصر داعش، في الموصل جراء عمليات القتل المستمر، على مدى الأشهر الفائتة.
تحاول الحكومة العراقية، إغلاق صفحة الموصل بشتى الطرق، خصوصا وانها استغرقت سقفا زمنيا طويلا نسيبا، جراء الأساليب القتالية المستخدمة من داعش، واتخاذ السكان دروعا بشرية، الامر الذي يفرض على القوات العراقية، انتهاج سياسة حذرة في عملية الاقتحام، بحيث تعتمد على اخلاء السكان بيد، وإمساك السلاح باليد الأخرى.
التحول الكبير في سياسة البيت الأبيض، بعد مرحلة أوباما، يضع حكومة بغداد امام امتحان صعب للغاية، خصوصا في ظل الضبابية في سياسة ترامب، وعدم وضوحها بشكل كامل، بيد ان التحرك الأمريكي باتجاه القضاء على داعش، ومحاولة تضييق الخناق على التنظيم، عبر محاولة الهجوم على معقلها الرئيس، في الرقة السورية من خلال قوات سوريا الديمقراطية.. يجعل الحكومة العراقية تسارع الخطى، لإنهاء صفحة الموصل في اقرب وقت.
اعلان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، التوجه صوب مدينتي الحديثة ولقائم، يأتي ترجمة عملية لحجم الضغوط، التي تمارسها واشنطن على بغداد، بهدف تنسيق المواقف، باتجاه توجيه المزيد من الضربات العسكرية، على التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة في العراق، وسوريا منذ أعوام.
تمثل معركة الموصل اختبارا حقيقيا، في قدرة بغداد على المناورة، ومحاولة إمساك العصا من الوسط، فقد عمدت لمحاولة التملص من الضغوط الامريكية، بعدم اشراك الحشد الشعبي في تحرير المدينة، وامتصاص الغضب الشعبي، بضرورة انخراط القوات الشعبية في المعركة الفاصلة، حيث عمدت بغداد لإسناد مهمة دخول المدينة للقوات العراقية، فيما تركت تطويق المنافذ المؤدية الى سوريا للحشد الشعبي، اذ مثلت هذه السياسة حلا وسطا، لجميع الأطراف الداخلية والدولية، خصوصا وان تأخر انطلاق حملة تحرير الموصل، مرتبط برفض بعض القوى الإقليمية والدولية، إسناد جزء من المسؤولية للحشد الشعبي، تخوفا من عمليات انتقام او ممارسات أخرى.