قيمتك الذاتية
أنت لديك قدرات لا محدودة، بل أنت ربما تجلس على كنز كبير ودون أن تدري. الأرض عادة لا تُفْصحُ عن كنوزها، ولا الكنوز تخرج من مكامنها لتُعْلن عن وجودها. قد تعيش أمم على قطعة من الأرض لقرون من الزمن وتأتي غيرها أقوام من البشر، دون أن يكتشفوا ما تحت أرجلهم من ثروات قد لا تُقَدّر بثمن. تجري السنين والأيام لتأتي تلك اللحظة التي يُقَررُ فيها أحدهم التنقيب عما تختزنه تلك الأرض من كنوز، لتنكشف الحقيقة التي غابت لسنين ولتغير تلك الأرض ومن عليها. هذه مجرد ومضة من حياة أناس عاشوا على هذا الكوكب، إلا أن ذاتك لا تختلفُ كثيرًا، فهي الأخرى عالمٌ كبيرٌ يحوي من الكنوز ما لا يخطر لك على بال. عليك فقط أن تُنقّب وتبحث لتكتشف وتتعرف على قيمتك الذاتية، لكن إياك وأن تطلب يد العون من الآخرين في أن يشاركوا في هذا المشروع، لأنه شخصي بامتياز ولا يعني أحدًا غيرك، وتدخل الآخرين لن يوصلك إلى اكتشاف ذاتك ولا إلى معرفة قيمتها الحقيقية.
هل عودت نفسك على وضع أمور حياتك في حالة من الإنتظار، لترى ما سيفعله الآخرون..؟ هل أنت الشخص الذي يرضى بتسوية، يكون فيها نصيبك أقل مما تستحق..؟ هل تقوم بغض النظر عن سلوكيات الآخرين وإن كان على حساب صحتك النفسية..؟ هل أنت ممن يجعل للآخرين أولوية، في حين أنك بالنسبة لهم مجرد خيار من الخيارات، ليس إلا..! هل الإجابة على هذه الأسئلة هو ما يُحدد قيمتك الذاتية، أو أن هُناك أمور أخرى أكثر أهمية..؟
لا ترى نفسك بأعْيُن الآخرين الذين لا يعرفونك حق المعرفة. وإن وجدت نفسك يومًا في وضع تُحاول فيه إثبات قيمتك الذاتية، فأنت للأسف قد نَسيت من أنت. لذلك عليك أن تتفادى ما تمليه عليك مشاعرك وأن تضع نصب عينيك ما يمليه عليك عقلك. لا تقس قيمتك من زاوية تصور الآخر لما يجب أن تكون عليه، واعلم بأن قيمتك لا تنقص لمجرد عدم قدرة الآخرين على تقييمك وإعطائك مكانتك الفعلية التي تستحق.
أفكارك ومُعْتقداتك هي المكون الأساس لمشاعرك، وهي التي تُحدد سلوكياتك وأفعالك. جودة أفكارك هي التي تُنَفّر أو تجذب النوعية من الناس التي تُحَقّرُك أو تَرْفَعُ من قيمتك عند نفسك والآخرين. لا تبني قيمتك الذاتية على مَركزك الوظيفي أو الإجتماعي، أو على دخلك وقُدْرَاتك المالية، لأنها أشياء متغيرة وغير ثابتة، مما يجعل نظرتك لنفسك هي الأخرى متأرجحة وغير مُستقرة. قد تمتلك أكبر بيت في مدينتك، وتركب أفخم سيارة وتلبس أغلى الماركات العالمية، لكن ذلك لا يرفع من قيمتك الذاتية. رصيدك البنكي قد يصل إلى مئات الملايين من الريالات مما يرفع من قيمتك المالية، إلا أن تأثيره على قيمتك الذاتية يبقى محدودًا.
لا تسمح لأحد بأن يُطفئ شُعْلتك أو يُقلل من وميضها. استمع إلى الناس الإيجابية وابتعد عن المُشككين والمثبطين. إحترامُك لذاتك وتقبلها، بل حتى محبتها تبدأ من الداخل، فلا تُشغل نفسك بالزَوْبَعَات الخارجية الفارغة والتي لا تستند إلى حقائق ملموسة. اجعل صوتك المنبعث من الداخل أعلى من كل الآراء القادمة من الخارج، تكسب احترامك لذاتك وتَضَعُ لها قيمتها الحقيقية التي تستحقها.