آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 12:36 ص

إسرائيل.. معركة السجناء

محمد أحمد التاروتي *

دفع إضراب السجناء في سجون الاحتلال الاسرائلي، القضية الفلسطينية للواجهة مرة أخرى، بحيث بات الوضع الإنساني للالاف السجناء، مادة دسمة لوسائل الاعلام العالمية، خصوصا وان الفوضى العارمة، التي تجتاح العالم العربي منذ 2011، ساهمت في تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، الامر الذي استغلته تل ابيب، في الإمعان في الممارسات الاجرامية، بحق الشعب الفلسطيني.

معركة ”الأمعاء الخاوية“، التي انطلقت بقوة من داخل السجون الإسرائيلية، حركت جزء من الضمير العالمي، بحيث دفعت بعض الدوائر الدولية، لفتح ملف السجون الإسرائيلية، والممارسات الإرهابية، التي تمارس تجاه السجناء، الامر الذي شكل ضغطا سياسيا على حكومة نتنياهو، خصوصا وان الإجراءات التعسفية، التي ترتكبها السلطات الاسرائيل، ة ليست خافية على الجميع، فهي تمارس بشكل علني، وامام وسائل الاعلام.

الحرب المفتوحة التي اطلق شرارتها السجناء، اجتحاجا على استمرار الإعتقال الإداري، تمثل حرجا كبيرا لإسرائيل امام الرأي العام العالمي، نظرا لانعدام المسوغات القانونية، على احتجاز مئات السجناء لسنوات طويلة، دون الخضوع لمحاكمة تتوافر الاشتراطات المعمول بها دوليا، الامر الذي يضع الادعاءات الإسرائيلية على المحك، لاسيما فيما يتعلق باحترامها لكافة المبادئ والقوانين الدولية.

الموقف الداعم لمختلف الشرائح الاجتماعية، في الأراضي الفلسطينية المختلفة، وكذلك التأييد الكامل للقوى السياسية الفلسطينية الفاعلة، تشكل عنصرا أساسيا في استثمار الإضراب عن الطعام سياسيا، خصوصا وان نقل معاناة السجناء، يتطلب وجود أصوات، قادرة على التحدث للعالم بما يجري داخل السجون، بمعنى اخر، فان قرار الإضراب عن الطعام سيكون غير مجدي، في حال لم يجد الأصوات القادرة، على ترجمته سياسيا سواء على الصعيد الإقليمي او الدولي، فالمعركة ليست التوقف عن الطعام، بقدر ما تهدف لايصال القضية الفلسطينية، لإسماع العالم، مما يستدعي مخاطبة الهيئات والمنظمات الدولية، ومحاولة وضع تحرك قادر على كسب المعركة سياسيا.

الحكومة الفلسطينية، باتت تمتلك ورقة ضاغطة، على الحكومة الإسرائيلية، فمعركة ”الأمعاء الخاوية“، تأتي بعد أسابيع من الانتصار السياسي، الذي حققته في المنظمة الدولية، والتي اعتبرت إسرائيل محتلة للقدس، بمعنى اخر، فان الورقة السياسية الجديدة التي خلقها إضراب السجناء، في السجون الإسرائيلية، تمثل فرصة تاريخية يجدر استثمارها، بالشكل المطلوب لإجبارها تل ابيب، على إعادة سياستها المتبعة في السجون أولا، وثانيا لتحريك الضمير العالمي، لمعاناة الشعب الفلسطيني المستمرة، من عقود عديدة.

المرحلة الراهنة، تتطلب موقفا عربيا جماعيا، لنقل المعركة من داخل السجون الإسرائيلية، الى المحافل الدولية، خصوصا وان القضية الفلسطينية من القضايا العادلة، التي لا يختلف على شرعيتها احد على المستوى العالمي، فهناك العديد من القرارات الدولية الصادر لنصرة الشعب الفلسطيني، والداعية للانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، مما يوفر المظلة الشرعية للتحرك العربية الهادفة، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي منذ نصف قرن.

كاتب صحفي