نفوق الأسماك في خليجنا
تزايد في الآونة الاخيرة تداول الناس عبر شبكات التواصل الاجتماعي «وهي وسائل إعلامية غير رسمية» الأنباء والصور والافلام عن نفوق الأسماك في مناطق مختلفة من الخليج العربي. وتظهر هذه الأفلام أطنان من الاسماك النافقة طافحة على المياه أو متراكمة على السواحل، بعاثة روائح كريهة مزعجة وضارة بمن يعيش قريبا من هذه السواحل، وليس بمستغرب ان تتكون عواقب بيئية اخرى قد تنجم جراء ذلك.
وقد تناقل الناس على مستوى الخليج مقالات تطمئنهم بأن هذا النفوق ناجم عن تراكم السمك في مناطق صغيرة مما سبب اختناقها، أو ارتفاع في درجة حرارة مياه الخليج، وهذا عامل يساعد على نقص الاوكسيجين في الماء، والذي بدوره يتسبب في نفوق الاسماك. الا ان ليس كل القرّاء على مستوى الخليج على معرفة بكتاب هذه المقالات، وبالمقابل هناك من لازال يبعث افلاماً تظهر استمرار نفوق الاسماك، اي استمرار بقاء المسبب في البحر، والذي يرجعونه الى تلوث مياه الخليج بسموم كيمائية؟؟
كلنا يعرف مدى حب الخليجيين لسمك بحرهم، وبالاضافة الى انه مصدر صحي للبروتين، وغير ضار لمرضى ارتفاع الكوليسترول في الدم، وما غير ذلك من الفوائد الصحية، وهذا ما يفسر بقاءه وجبة رئيسية في أغلبية أطباق أهل الخليج، بالرغم من ارتفاع أسعار السمك بشكل جنوني في الخمس سنوات الاخيرة، حارماً اصحاب الدخول الضعيفة من الاستمتاع بكافة أنواعه.
مثل هذه الأخبار المتداولة والمبهمة عن سبب نفوق هذه الاسماك قد يتسبب في نشوء نوعاً من الذعر بين الناس دافعاً اياهم للتخلي عن وجبتهم المفضلة والتوقف عن شراء الاسماك وغيرهامن الحيوانات البحرية، وهو ما سيلحق الضرر بجميع العاملين في هذا القطاع الاقتصادي المهم. وربما قد يتسبب قلة السمك الطازج المعروض في الاسواق لمزيد من الارتفاعات في الأسعار، واستيراد السمك من دول بعيدة، أو زيادة زراعة الاسماك، بحيث يتحول سمك الخليج الى ما يشبه كافيار بحر قزوين في قلته، ومن ثم استبداله بكافيار السمك المربى في مزارع بحرية لتربية الاسماك، الذي مهما بلغت نظافته وجودته إلا انه لا يمكن ان يحل محل الكافيار المستخرج من سمكة لم تربى في قفص بحري.
كما قلت في بداية مقالي أن ما يجري تداوله من احاديث عن هذا الموضوع ليست من مصادر رسمية، ولذا من الضروري ان تتحرك الجهات الرسمية المعنية «وزارة الزراعة والصحة وهيئة الأرصاد والبيئة» بدراسة هذه الظاهرة التي أصبحت تتكرر تقريبا كل عام والتعمق في تحليل مسبباتها، والبحث عن طرق للحد منها. كما انه من الضروري القيام باعلام الناس عن السبب الحقيقي والعلمي لهذه الظاهرة الخطيرة. إن صدور بيان رسمي من هذه الجهات في كل دولة خليجية بالاضافة الى الجهات المختصة في مجلس التعاون الخليجي تشرح للمواطنين حقيقة ما يجري في بحرنا وعلى سواحلنا ومدى القدرة على معالجتها، تعد في الوقت الراهن مسألة حيوية مرتبطة بصحة وسلامة المواطنين والمقيمين في دول الخليج.