آخر تحديث: 12 / 12 / 2024م - 5:24 م

كيف ستحقق الرؤية أهدافها؟

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة اليوم

اتضح الآن أن «الرؤية السعودية 2030» ليست وثيقة جامدة، وضعت لتنسى، بل ما صدر قبل يومين، يتجاوز الإعلان عن عشرة برامج إضافية لتحقيق الرؤية إلى مراجعة وتنقيح وإيضاح تفاصيل جوهرية تتصل بحكومة الرؤية وترابط أهدافها الرئيسية بما يؤدي في نهاية المطاف لتحقيقها بإذن الله. وعند وضع رؤية وطنية فلا بد أن تعيد الحكومة هيكلة منظومة الحوكمة بما يتلاءم مع أهداف وتوجهات الرؤية، إذ إن الدور الأساس للحكومة هو المساهمة في تحقيق الرؤية. وقد تتطلب إعادة هيكلة منظومة الحوكمة تغييرات عديدة وتكاليف عالية من قِبَل الحكومة، لكن ذلك ضروري لتحسين فرص نجاح تنفيذ الرؤية كما هو مخطط لها.

غني عن القول إن الحوكمة أساسية لنجاح «الرؤية السعودية 2030»، وهذا أمر سائد في كل الرؤى الوطنية لضمان سلامة التنفيذ؛ إذ إن الأمر ليس مجرد تنفيذ الرؤية، بل تنفيذها بنجاح، والنجاح يعني تحقيق الرؤية للأهداف التي أطلقت من أجلها في الأساس.

وأخذاً في الاعتبار أن الرؤية هي خطة طويلة المدى، فيكون هناك اعتبارات مهمة للثبات على تحقيق تلك الأهداف، وعدم إهمالها أو إهمال بعضها، فحدوث ذلك كفيل بأن تفقد الرؤية جزءاً من نجاحها. كما أن الحكومة الفعالة ستوجد طرقاً للتعامل مع التعديلات التي قد تطرأ على الرؤية بما يشمل تعديل أهدافها أو تطوير تلك الأهداف لتفادي مخاطر محدقة أو لاقتناص فرص مستجدة.

وقد صدر إطار حوكمة تنفيذ الرؤية 2030، وتناول نموذج حوكمة «رؤية المملكة العربية السعودية 2030». حيث حدد ثلاثة مستويات: مستوى رسم التوجهات والسياسات ويتكون من مجلس الوزراء ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، فيما مستوى تطوير الاستراتيجيات من اللجنة الاستراتيجية ومكتب إدارة الاستراتيجية، ويقوم هذا المستوى على برامج منها برنامج استراتيجية شركة أرامكو وبرنامج إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة وبرنامج «داعم» وبرنامج التحول الوطني وبرنامج تحفيز نمو القطاع الخاص وبرنامج التنمية المناطقية، أما المستوى الثالث فهو مستوى الإنجاز ويشمل الجهات التنفيذية الحكومية. كما يشمل نموذج الحوكمة جهات داعمة عدة منها اللجنة المالية ومكتب إدارة المشروعات بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والمركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة ووزارة الاقتصاد والتخطيط ومركز الإنجاز والتدخل السريع والفريق الإعلامي بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.

كما أن إطار حوكمة تحقيق رؤية السعودية 2030 قد اشتمل على آلية للتصعيد للتعامل مع معوقات الإنجاز، وتتكون الآلية من أربعة مستويات، المستوى الأول هو للأجهزة التنفيذية ومداها 14 يوماً ليتم حل العوائق والتعامل معها داخل الجهة المنفذة، وبإشراف مباشر من رئيس الجهاز «الوزير المختص» بعد ذلك تصعد للمستوى الثاني. المستوى الثاني من الآلية مناط بمكتب الإدارة الاستراتيجية وكذلك مداه 14 يوماً، حيث يُطلب من المكتب وهو ضمن منظومة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية المشاركة بدراسة الموضوع واعداد ملف متكامل سعياً نحو إيضاح الحقائق وتقريب وجهات النظر. وإذا تطلب الموضوع تصعيداً فيتم الانتقال للمستوى الثالث، وهو اللجنة الاستراتيجية بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، حيث يقوم مكتب الإدارة الاستراتيجية برفع الملف إلى اللجنة الاستراتيجية وقد ترى اللجنة الحاجة إلى رفع الموضوع إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية للبت فيه. أما المستوى الرابع فهو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ولا يعمل وفق سقف زمني بل حسب أولوياته ومهمته البت في الملف المرفوع حول الموضوع للتعامل مع معوق الإنجاز.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى