ثقافة الانتفاخ
الاعتزاز بالنفس امر محمود، باعتباره منطلقا لكسر الحوافز المادية، والمعنوية، التي تعترض طريق تحقيق النجاحات على اختلافها، لذا فان الإيمان بالقدرة الذاتية وسيلة أساسية، لنيل المراد او الوصول الى الأهداف المرسومة، خصوصا وان الصعوبات التي تنصب في الطريق عديدة، بعضها كجزء من سنة الحياة، ”لنبلونكم أيكم أحسن عملا“ والبعض الاخر مرتبط بالمؤامرات البشرية، التي تطلق من غايات مختلفة.
الانتفاخ على النقيض من الاعتزاز بالذات، فهو ينطلق من عوامل خارجية، فالبعض يستند في ممارساته الفظة مع الآخرين من السلطة المالية ”الاقتصادية“، نظرا لكون ”الفقر يخرس الفطن“، مما يدفع أشباه الرجال للتقدم واجهة المشهد في المجتمع، الامر الذي يحدث نكسات كبرى في المسيرة الطبيعية، خصوصا مع الافتقار للمقومات الضرورية، لاستلام زمام القيادة في المجتمع، وبالتالي فان القرارات في تكون غير حكيمة، او تسهم في ”زيادة الطين بلة“.
يعتمد البعض الاخر على ممارسة الانتفاخ، على الدعم السياسي القادم من وراء الحدود، حيث يعمد للاتكاء على عصا غيره، في إظهار القوة وفرض السلطة، اذ بمجرد انكسار عصا الخارج، لأي سبب من الأسباب ينكشف المستور، ويختفي المكياج الذي يواري عيوبه المادية والمعنوية، بحيث يتوارى عن المشهد السياسي، والاجتماعي في لمحة بصر، ”فص ملح ذاب“، نظرا لعدم امتلاك القدرة على الصمود، دون الاستناد على حائط الخارج، بمعنى اخر، فان الانتفاخ القائم على الأجنبي، يذهب مع الريح بمجرد بزور معطيات جديدة، تجبر الخارج على إعادة الحسابات، بما يتوافق مع الظرف السياسي الحالي.
يفضّل البعض إبراز الانتفاخ الثقافي، عبر استعارة مباني وقناعات ثقافة، لا تتناسب وإمكانيته العقلية، والفكرية، من خلال لَبْس ثوب طويل يسقطه على الأرض، بمجرد الحركة الأولى، او يختار لباسا قصيرا غير قادر على ستر عورته، وبالتالي فان الخيارين يسهمان في فضحه مع اول الاختبار، بمعنى اخر، فان محاولة إبراز العضلات باستخدام مفردات ثقافية، او متداولة في الصالونات الفكرية، لا تبني الثقافة، فالمرء بما يملك من قاعدة واسعة، وسعة اطلاع يفرض نفسه على الواقع الثقافي، لدى النخب الفكرية، سواء ضمن المحيط الضيق، او عبر المحيط الواسع في المجتمعات الفكرية، على المستوى العالمي.
الانتفاخ بما يحمل من أضرار اجتماعية، يشكل تحديا كبيرا في قدرة المجتمع، على التعاطي بمسؤولية مع هذه الظاهرة، ”وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولً“، فعملية وضع الأمور في مواضعها عاملا حيويا، في وأد مثل هذه الأمراض قبل استفحالها، مما يجعل عملية إيجاد العلاج المناسب، مهمة صعبة على أصحاب الحل والعقد، خصوصا وان العوامل النفسية والمآرب الشخصية، تدفع باتجاه ممارسة الانتفاخ السياسي او الاقتصادي او الثقافي، لدى بعض العناصر التي تحاول البروز، باختيار الوسيلة الخاطئة.