مثقفون وإعلاميون ينعون الراحلة ”شمس علي“
نعى عدد من المثقفين والإعلاميين الكاتبة شمس علي التي فارقت الحياة بعد صراع مع المرض يوم الأربعاء الماضي، مشيدين بنشاطاتها وتعاونها، متحدثين عن مكانتها في قلوبهم , ومؤكدين على تميز مسيرتها الصحفية والقصصية وغيابها خسارة فادحة للوسط الثقافي.
وذكر الكاتب محمد الحمزة أن شمس علي من الشخصيات الفريدة التي حملت على عاتقها الدفاع عن حقوق الصحفيين والكُتاب، فكان لها هذا الإهتمام الملموس والواضح، مشيرا إلى إصداراتها «طقوس ونيران» ومجموعة «المشي فوق رمال ساخنة» التي سطرت فيها فنون قصصية كانت محط اهتمام النقاد والمهتمين.
وقال: ”رحلت عن الحياة لتبعث فينا الحياة، صدمت قلوبنا وهزت وجداننا بفراقها، شمس غابت ونجم أفل، لايزال صوتها الموجوع يرن في أذني في حفل تكريمها قبل عدة أشهر، رحم الله شمس وجبر الله قلوب أهلها ولنا في بقاء أثرها سلوة عن فراقها“.
ووصفت الإعلامية زينة علي غياب شمس بالصدمة المؤلمة، وقالت: "رغم قلة التواصل بيننا إلا أنها تحتل مكانة مميزة أظنها تحضى بها لدى كل من عرفها، فمع شيوع خبر رحيلها سمعت من الزملاء عنها وفيها ما يؤكد مكانتها لدى جميع من عرفها.
وتابعت: ”شمس علي التي عرفتها قبل أكثر من عقد كاديبة ومثقفة وتبادلت معها الحديث مطولا منذ أول لقاء حين سألتني عن طريقة التواصل مع الصحف للكتابة معهم، فظننت بأنها ستظهر ككاتبة لا صحافية تلاحق الخبر، بعد أسابيع قليلة بزغت شمس كصحافية لامعة تكتب في الأدب والثقافة، لتتورط في مهنة المتاعب وتصارع وتدافع عن زملائها الصحفيين عبر حملتها «متعاونون»، التي كانت مبادرة شجاعة منها للمطالبة بحقوق الصحفيين المتعاونين في علاقتهم مع الصحف“.
ونعى الشاعر جاسم المشرف الراحلة، ”أشرقت على الكتابة كالصبح واثقة الخطى واضحة الرؤية عارفة بقدراتها معتزة بذاتها، وسرعان ما انكسفت كسوفا لاصلاة الآيات تعيدها ولامناجاة الضارعين تستردهاغابت عن عالمنا لتشرق في عالمها الآخر“.
وأوضح أن شمس علي لم تتحرك وفق متطلبات العمل الصحافي الصرف، الذي يلعث وراء السبق دون أن تستوقفها الأحداث وتتأملها، مشيرا إلى أن الكتابة الصحفية والقصصية ومتابعة المشهد الأدبي والثقافي لم يشغلها عن الثوابت الدينية الواعية التي نشأت ودرجت عليها.
وبين ان فيها من الصدق والوضوح ما يكفي لتحس بنبض رأيها وموقفها، وفيها من الصفاء ما لا يحتمل كدورة التحامل على أحد.
وأكد أن شمس علي أنموذج للفتاة التي انفتحت على الحياة بمسؤولية واقتدار بوعي وبصيرة، وتعاملت مع موهبتها كهبة إلهية تقتضي الشكر كما يليق بجوهرها النفيس لا كما تقتضيه متطلبات الحضوة لدى الآخر من أي كان وبأي ثمن بخس، لافتا إلى مواساتها ووقوفها على أحداث العمل الإرهابي الذي طال بلدة الدالوة الأحسائية كأخت مواسية لاصحفية حريصة على تقديم مايلفت المتلقي.
وغرد عضو مجلس الشورى نورة المري عبر «تويتر»، ”رحم الله المبدعة شمس ولن أنسى أمنيتها النبيلة عندما طلبت مني أن نتكاتف من أجل المطالبة بوضع ضوابط لحماية حقوق الصحفيين وكتاب الرأي المتطوعين“.
وذكرت الإعلامية شادن الحايك، أن الراحلة لم تكن من الشخصيات التي تمر دون ترك أثر، ”لابد أن تستوقفك، الهدوء أول انطباع عنها، حين تتحدث تشعرك بأن كل الأمور بخير وإلى خير، في اتصالها وسؤالها حماس كبير تشعرني بأن السنوات والمواقف لا تذهب من الذاكرة، جمعنا العمل وكان قبله وبعده العلاقة الإنسانية.“
وتحدثت الكاتبة رجاء البوعلي في مقالة عن أيامها الأخيرة مع الراحلة شمس علي، ”تركتها قوية وعدت أودعها ممددة على الفراش في الزيارة الأخيرة، وأعرف أنها زيارة الوداع، الذي لم أفرط في القيام بواجبه لكي لانلوم الموت بأنه باغتنا، كنت أشكره لأنه أنذرنا لنقوم بواجب الوداع قبل لحظة الفقد.“
وذكر الكاتب فاضل العماني أن القاصة شمس علي كانت مشتغلة بالشان الثقافي وتعي جيداً مكانة وخطورة وتأثير الحرف، ولم تنساق مطلقاً لكل موجات الاستعراض والتملق والنفاق، والتي كانت ومازالت سمة هذا العصر، والمشهد الثقافي تحديداً.
وأشار إلى تدرجها في عالم الصحافة الذي اعتبرته عالمها الأثير، رغم انشغالها بالعديد من الأنشطة والعوالم الأخرى ولكنها استمرت بوفاء للصحافة تحريراً وكتابة وتدريباً، كما حرضتها الصحافة على الالتفات لبعض المجالات الأدبية التي وجدت فيها روحها الشفافة، وقد كانت القصة ركنها الهادئ الذي ابدعت فيه وحققت فيه ذاتها.
وقال: ”رحلت شمس علي بهدوء وصمت وسكينة تماماً كما كانت تحيا حياتها، تكره الضجيج والصخب والشهرة، اتمنى لو يُخلّد ذكرى شمس علي التي أعطت الكثير لوطنها رغم حياتها القصيرة، وذلك عبر وضع اسمها على مركز أو ملتقى ثقافي، وهذا أقل تكريم لمبدعة فضلت الرحيل في بداية الألق“.
وبينت الكاتبة ألباب كاظم أن "شمس" كتبت قصصا ومقالات عديدة, استبطنت فيها آلام الآخرين وعبرت عن معاناتهم وانتقدت هذا الواقع المعقد والظالم, مشيرة إلى كتاباتها عن فتاة حُرمت من أبسط حقوقها وأهم فرصها في التعليم الجامعي, وأخرى حول الواقع الثقافي في مرارته وخيباته وأنديته البائسة, وأشغلت قلمها وذاتها بالإصلاح الفردي والمجتمعي والثقافي.
وقالت الشاعرة إيمان الحمد -ابنة أخ القاصة-: "رحلت عمتي بسرعة وتركت قلوبنا تنزف لفراقها, قضت أيامها في المستشفى بين الكتب, في كل مرة أزورها تسألني عن كتاب, آخر يوم زرتها فيه قالت لي أنها لم تعد تتمكن من حمل الكتاب لقراءته, ففتحت لها صفحة كتب مسموعة على اليوتيوب واختارت كتابا تستمع إليه حينما ودعتها, أشعر أن العالم توقف عند هذه اللحظة".
يُشار إلى أن الأديبة شمس قد حظيت بحفل تكريم قبل شهر تقريبا من وفاتها, أقامته مجموعة حواف الإبداعية مساء الخميس على مسرح جمعية الثقافة والفنون, عرفانا وتقديرا لما قدمته الراحلة للأدب والثقافة من إنجازات لعملها الدؤوب في الجانب الأدبي والصحفي, كما كان يوم الأربعاء الذي رحلت فيه يصادف تكريمها في مسابقة المدينة بدرعٍ لم تستلمه.