للمتفائلين عادات
المتفائلون لهم مواصفات تُميزهم عن غيرهم من الناس، فهم ليسوا فقط يَرَوْن النصف الممتلئ من الكأس، بل أيضًا يتمتعون بصحة جيدة مقارنة بالآخرين. هذه الشريحة من الناس، الأقل إصابة بأمراض القلب ونزلات البرد وضغط الدم وغيرها من أمراض العصر. ألا يَدْعُوك ذلك بحد ذاته أن تترك القلق جانبًا وتستمتع بالحياة!
منذ الدقائق الأولى لولادتنا، خرجنا إلى هذه الدنيا متفائلين لا نعرف إلى التشاؤم طريقًا، وعلى مر الزمن وتغير الظروف تَغَيرنا نَحْنُ أيضا. اليوم يُراودنا الحلم بأن نَعُود إلى سابق عهدنا، نحمل تفاؤل وبراءة الطفولة. غالبية الناس يَدّعُون أنهم واقعيون، لكن هذه الواقعية أفسدت الأنفس وأمْرَضَتْها، وبالتالي أبْعَدَتْ مُدّعيها عن دائرة التفاؤل والراحة.
التفاؤل هو كغيره من العادات الصحية، يحتاج إلى الممارسة اليومية ليتجذّر وينمو. هناك الكثير من العادات التي تُنّمي عادة التفاؤل وتجعلها تتأصل فينا لتتحول إلى مهارة نُمَارسها بكل أريحية في كل دقيقة من حياتنا، وبدون أي تكلّف يُذْكَرْ.
لا يكفي أن يكون المتفائلون مُقَدِّرين للنعم الكبيرة، بل الأجدر أن يكونوا شاكرين لصغائر النعم أيضا. أن تصحى صباح كل يوم وترى شُرُوْق الشمس، لنعْمَةٌ تستحقُ أن تجعلك متفائلًا بقية يومك. أن تمتلك القوة لتقف على رجليك وتمشي إلى حيث تُريد، هي نعمةٌ أُخرى تستوجب الشُكْر وتدعُوك لأن تكون متفائلًا. والقائمة تطول.. ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النحل: 18]
المتفائلون يجدون الخير حتى في الصعوبات والعقبات، فمنها يستمدون قُوّتَهُم وقُدراتهم على الصمود. ففي كل عثرة من عثرات الحياة، يعتقد المتفائلون بأنهم أضافوا خبرة أو مهارة لأنفسهم، تجعلهم أهلًا لمواجهة الحياة، التي لا تعبأ إلا بمن يمتلك مفاتيح البقاء.
من الصفات الحميدة التي يتصف بها المتفائل هي تضحيته لوقته وطاقته، فتراهُ متواجدًا لخدمة أبناء مُجتمعه ولو لم تربُطه بهم علاقة خاصة. بِغَضْ النظر عما يمر به المرء من صُعوبات، يَحتاج أن يكون على قدر كبير من الخُلُقْ الطيّب مع الآخرين، وإن تخلّى أحيانًا عن بعض مصالحه. رُوْحُ الإيثار هذه، تُشْعر المرء بإنسانيته، وبأن هناك الكثير، مما يَسْتحق أن نعيش من أَجْله.
عندما تستمع إلى قصص الآخرين ومثابرتهم في هذه الحياة، رغم ما يخوضونه من صعاب ومِحَنْ، يتعزز لديك الشعور بالتفاؤل والإيجابية. هذا من شأنه أن يَدْفَعَكَ لأن تحيط نفسك بكل ماهو إيجابي، لأن هذه الطاقات تعمل كالمغناطيس تؤثر وتتأثر. غالبًا ما يعتقد البعض بأنهم وحدهم من يعيشون الصراع مع مشاكل الدنيا دون غيرهم. لكن سُرعان ما تتغير هذه النظرة في دقائق ولمُجرد سماعهم عن معاناة الآخرين لشتى أنواع العذابات من مرض وفقر وغيرها من نوائب هذا الزمان، ومع هذا ترى هؤلاء المُعَذَّبين يُجسّدون الصبر بكل معانيه.
بالصبر مرة والتوكل على الله أُخْرَى، وابتسامة ورضا وإيمان بما كتبه الله لنا في هذه الدنيا، ينشرحُ الصَدْر وتفتح لنا أبواب التفاؤل. تَطْلَعُ علينا الشمس كل يوم بلا كلل أو مَلَلْ لتنشر خُيوط أشعتها المطرّزة بالأمل، لتُدَاويْ جراحاتنا، ولتُبشرنا بأن القادم من الأيام حُبْلى بالمفاجئات السارة. ابتسم تبتسم لك الدنيا، وتفاءل تتحول دُنْيَاكَ إلى نعيم.