ثقافة الابتزاز
تنطلق مبررات الابتزاز من غايات عديدة، البعض يتحرك بدافع ايقاف الطرف الاخر عند حده، ومنعه من التمادي تحقيق المآرب الشيطانية، خصوصا وانه يحاول استثمار بعض الأوراق بطريقة خبيثة، وغير أخلاقية، سواء من اجل كسب المال، او تحقيق مكاسب سياسية، او غيرها من الأهداف الشخصية المختلفة.
وعلى النقيض من ذلك، فهناك غايات أخرى، تدفع باتجاه ممارسة الابتزاز، حيث تتمحور في محاولة عرقلة المشاريع الإصلاحية، والسعي بشتى الوسائل الإمساك، ببعض الأوراق لممارسة الضغط، لاجبار حملة المشاريع التجديدية على تقديم التنازلات، او التخلي بشكل كلي عن تلك المشاريع، باعتبارها مشاريع تحمل في طياتها خطورة كبيرة، كمشروع تنويري، ونفض غبار الجهل، والخنوع عن المجتمع، ”قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ“.
ثقافة الابتزاز تأخذ أشكالا، وطرقا متعددة، وفقا للظروف الزمانية، والمكانية، وكذلك تبعا لمكانة الطرف المقابل، اذ يحاول المتضرر من ظهور المشاريع الإصلاحية، البحث عن الوسيلة المناسبة، لانتزاع نقاط القوة للوصول الى الهدف المرسوم، لذا فان الرسالات السماوية، واجهت مختلف أنواع الابتزاز، على يد الحكام بالدرجة الأولى، باعتبارهم المحرك الأساس للماكنة الإعلامية، في وجه حملة الرسالات الإلهية.
صلابة الموقف لدى حملة المشاريع الإصلاحية، تمثل احد الأسلحة القوية في افشال جميع المخططات، التي ترسم في الغرف المغلقة، خصوصا وان الطرف الاخر يعمل ليل - نهار، لإيقاع أصحاب المشاريع التنويرية، في الأفخاخ التي تنصب في الطريق، فمرة تكون عبر تشويه الصورة الناصعة في الرأي العام، ”قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ“، وتارة أخرى من خلال بث الشائعات، لتشويه مجموعة القيم الأخلاقية، سواء عبر تقديم الرشاوى، او غيرها من الأساليب الأخرى.
اللغة التصالحية، ليست موجودة في قائمة النخب الحاكمة، حيث تحاول اسكات الأصوات الأخرى، لذا فإنها لا تتردد في اختيار الحرب الناعمة، في القضاء على الأصوات، التي تشكل تهديدا حقيقيا، اذ تبدأ في دراسة جميع الخيارات، منذ اللحظة الأولى لبزوغ نجم حملة المشاريع التنويرية، في سماء المجتمع، حيث تمثل المواجهة المباشرة وغير التصادمية، أفضل الوسائل لإزاحة تلك الأطراف من الطريق، بمعنى اخر، فان الدوائر الحاكمة لا تجد غضاضة، في استخدام كل الطرف للقضاء، على الطرف الاخر، انطلاقا من قاعدة ”الورقة التي تربح بها.. العب بها“ و”الغاية يبرر الوسيلة“، فجميع الأسلحة المباحة سواء التقليدية او المحظورة.
الابتزاز وسيلة غير أخلاقية، في حال استخدامها بطريقة غير شريفة، فالصراع السياسي يتسم بانعدام كافة مفردات المعايير الأخلاقية، في مختلف الخلافات على مر العصور، حيث يلجأ المتصارعون الى أقذر الأساليب، للحصول على أوراق الابتزاز، لتحقيق المكاسب التي ترجح كفته.