السلام المذهبي خير الأعمال في الشهر الحرام
المدُّ المذهبي - سواء كان شيعياً أم سنياً - قلق نتفهمه عند كلا الطرفين، وهذ المدُّ المذهبي يقوِّض ضمانة وحدة الأمّة وتكاتفتها، فوجب علينا وقفه؛ فقد وصل إلى فتنة مستعرة لا يمكن للعلماء السكوت عنه، ولا يجوز لأي فريق الاستخفاف بخطر نتائجه.
ففي الوقت الذي نؤمن بأنَّ الاختلاف سنة إلهية في الكون، وأنه يضفي على الحياة حركية مستمرة، وأنه حق مشروع ما دام للإنسان عقل يفكر به، وأنَّه طريق يؤدي إلى الائتلاف إذا قُدِّر للبشر أن يتعاملوا معه أخلاقياً، وتوظيفه في التيسير على واقع الناس والتوسعة عليهم ورفع الحرج عنهم، لا التشديد عليهم وتضييق الخناق حولهم.
ولكننا مع ذلك ندرك الأيادي الخفية التي تعبث بهذا الموضوع، فبدل أن يكون «الاختلاف» نوعاً من أنواع الثقافات بين الشعوب، تحولت إلى عصبية مذهبية بين الأطراف جميعاً. فالعصبية لا تقف أشكالها، في يومنا هذا، في الانتماءات العرقية والقبلية والعائلية، وإنما - أيضاً - دخلت في مختلف الانتماءات الطائفية والمذهبية والدينية والحزبية.
وكم هي معبِّرة تلك الآية التي تصوِّر حال الرضى والتسليم الذاتي الذي يشعر به المتحزِّب لفكرة أو انتماء أو مذهب ما ﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾.
وفي الصحيح عن جعفر بن محمد الصادق قال: قال رسول الله ﷺ: ”من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه“.
وعنه قال: قال رسول الله ﷺ: ”من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية، بعثه الله تعالى يوم القيامة مع أعراب الجاهلية“.