آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

ثقافة التفاؤل

محمد أحمد التاروتي *

النظرة الإيجابية عنصر أساسي، في تحفيز المرء، لتجاوز مصاعب الحياة، خصوصا وان الاحباط ينعكس بصورة مباشرة، على الحركة اليومي، ة وكيفية التعاطي مع الآخرين، بمعنى اخر، فان الاختلاف في النظرة لبعض المشاكل الاجتماعية، مرتبطة بطريقة النظرة للامور، سواء كانت سلبية او إيجابية.

القدرة على الصمود في وجه اعاصير المشاكل على اختلافها، مرتبطة بالحالة النفسية لدى المرء، فالإنسان المحطم نفسيا لا يستطيع الوقوف على رجليه، اذ سرعان ما يسقط بشكل سريع، نظرا لعدم وجود عوامل الثبات، وبالتالي فان، الشحن النفسي الإيجابي، والمعتمد على التفاؤل، وعدم ارتداء النظارة السوداء، يشكل عنصرا أساسيا في التعاطي مع تحديات الحياة، هذه النظرة المتفائلة، تتخذ من قاعدة ”اشتدي أزمة تنفرجي“، مبدأ محفز في احلك الظروف.

التفاؤل بمثابة الوقود الذي يرفد الانسان بالقوة، والصبر لتفادي الألغام المزروعة في الطريق، فالمرء يمتلك من قدرات هائلة، تؤهله للتغلب على الصعاب، بيد ان عملية تجاوز العراقيل بحاجة الى طاقة كبرى، خصوصا وان الإحباطات على اختلافها، سواء الاسرية او الاجتماعية، تشكل احد العوائق المعنوية، للحيلولة دون إيجاد الوسائل العملية، لإحالة المشاكل الى جسر للعبور، باتجاه طريق النجاح.

امتلاك التفاؤل، مرتبط بعوامل داخلية، وأخرى خارجية، اذ يبدأ التغيير من الذات أولا، فالإنسان بامكانه تحطيم جميع الجدران، التي تعترض طريقه، بما أعطاه الله من إمكانيات كثيرة، وبالتالي فان التحول ينطلق من داخل المرء، باتجاه تغيير الواقع البائس، وإعادة تشكيل الذات بالاتجاه الأفضل، «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ».

بالإضافة لذلك، فان العامل الخارجي، يلعب دورا محورا في تحفيز الانسان، للتحرك نحو الاحسن، فالمجتمع الإيجابي قادر على صنع أجيال، تناطح السحاب في الهمم العالية، مما يمكنها من تحقيق المعجزات، وتحطيم القيود على اختلافها، الامر الذي يتمثل في سلسلة من الإنجازات الثقافية، والعلمية، فيما يمثل المجتمع السلبي بيئة خصب، ة لنمو الثقافة الانهزامية، في مفاصل الأجيال القادمة، نظرا لافتقار الساحة، لمقومات التحدي، ومقارعة الواقع المر.

ثقافة التفاؤل، لا تعني عدم اختيار الأساليب المثلى، في حل المصاعب الحياتية، فالنظرة الإيجابية تسهم في فتح الأبواب المغلقة، من خلال البحث عن المفاتيح القادرة على فتح الاقفال، فيما تشكل النظرة السلبية حائلا لرؤية الحلول المناسبة، الامر الذي يحول دون القدر، ة على تجاوز بعض التحديات الحياتية، سواء كانت على الصعيد الفردي، او الاسري، او الاجتماعي، خصوصا وان كل مشكلة تتطلب خيارات وحلول، تختلف عن المشكلة الأخرى، نظرا لتباين الظروف والأسباب الكامنة، وراء بروزها على السطح.

ان التفاؤل باعتباره عنصرا محفّزا، سواء على الصعيد، او الاجتماعي، قادر على احداث انقلاب حقيقي، في الثقافة الانهزامية، والسلبية، التي تعطل الحركة التنموية، وتكرس الواقع المتخلف، الذي يشمل تداعياته السلبية الجميع.

كاتب صحفي