مهارة التسويق واستنزاف الجيوب
ذهبت لصيانة مكيف السيارة وفي أثناء فترة الانتظار لتعبئة الفريون، جاء صاحب المحل وسأل هل نغير الفلتر؟ قلت له لابأس إن كان بحاجة للتغير. ثم عاد مرة أخرى وقال ما رأيك بتركيب أنوار LED؟ في الآثناء أتت مكالمة على الجوال فاعتذرت منه وما أن انتهت المكالمة حتى استدعاني لأنظر. لقد قام باستبدال أحد الأنوار بدون أن أطلب منه لكي يقنعني… نظرت إلى الأنوار للمقارنة ثم نظرت إليه وسألته عن السعر. بعدها صمت قليلا وقلبتها في رأسي هل أنا حقا بحاجتها وما الذي ستضيفه؟ فاعتذرت منه بعدم الرغبة وأن الأنوار الأصلية فيها البركة وتفي بالغرض. ومن ناحية أخرى قد تكون ممنوعة وتفتح بابا لأبواب المخالفات المرورية المنتشرة هذه الأيام. يئس مني وأعاد اللمبة الأصلية، وذهبت للانتظار على نفس الكرسي.
طالت فترة الانتظار، فالتفت إلي قائلا ما رأيك تضع حماية على الأنوار؟ نظرت إليه متعجبا وقلت في نفسي ماهي سالفة هذا الرجل؟! بعد معرفة السعر ألقيت نظرة على الأنوار فإذا هي بحالة جيدة وقد يكون ابني أبوعبدالله قد شملها بعنايته المخلصة وقام بحمايتها في أول سنة. قدمت له الشكر على اهتمامه والاعتذار عن التركيب وبعدها لم أعاود الجلوس على نفس الكرسي القريب منه، خرجت ووقفت خارج المحل قبل أن يقدم لي المزيد من العروض والإغراءات …
موقف آخر مع إحدى الصيدليات التي تقول «إنها ليست مجرد صيدلية» عندما ذهبت لشراء بعض الأدوية منها دواء للكحة فقال ما رأيك بجهاز أكسجين؟ ثم اقترح جهازا آخر ليصل السعر الإجمالي تقريبا إلى 2500 ريال. نعم إنها ليست مجرد صيدلية وعليك أن تقرر إن كنت فعلا بحاجة لتلك الأجهزة أم لا؛ مقابل العلاج الذي قد لا يتجاوز 100 ريال.
وفي زيارة أخرى تتفاجأ بالصيدلي يخبرك بوجود ركن خاص لفحص البشرة مجانا للعملاء. تستغرب كيف يكون مجانا وتثني على هذا الكرم والخدمة المتميزة، فيجيبك بأنها خدمة للعملاء. ولكن السر يكمن بعد انتهاء الفحص يأخذك المختص إلى قسم المنظفات والكريمات لينصحك بما يناسب بشرتك من المنتجات الثمينة وتخرج بمبلغ وقدره..
الأمثلة والمواقف كثيرة وكل منا قد مر بالعديد منها في محلات الملابس وغيرها ومع المندوبين الذين لا تتوقف اتصالاتهم وازعاجهم وإصرارهم على زيارتك لتقديم العروض لمختلف الأجهزة من أجل إغرائك بعرضهم المتميز!
إننا نعيش في زمن عصيب والأوضاع الاقتصادية الراهنة وسياسة شد الحزام غير مطمئنة وبحاجة للتريث والتفكير قبل صرف أي مبلغ من المال إن كان في مكانه وله حاجة أم أنه فقد للكماليات ومجرد استخدام يوم أو يومين وينتهي به الحال إلى أن يكون خارج الخدمة في أحد أركان المنزل يعلوه الغبار.
أصحاب المؤسسات والمحال التجارية قد شعرت بقلة المبيعات والركود الاقتصادي وعليه ستكثف من حملاتها التسويقية وتُقدِم العروض المتميزة لجذب الكثير وايقاعهم في شباكها واقناعهم لشراء مايريدون بيعه سواء كنت بحاجته أم لا. وستُستخدم أرقى أساليب ومهارات التسويق والاقناع لزيادة المبيعات واستنزاف جيبك بالإضافة إلى المصاريف الأخرى التي تنتظرك للكهرباء والماء والوقود والايجار والمأكل والمشرب وغيره من المستلزمات والاحتياجات التي تقضي على الراتب في منتصف الشهر. الأمر طبيعي بالنسبة لهم فذلك مصدر رزقهم، ويبقى القرار قرارك أتشتري ما يريده البائع أو ما تريده أنت؟