ثقافة التلاحم
ارساء قواعد التلاحم في جسد المجتمع الواحد، يتطلب الكثير من البرامج والجهود المشتركة، بيد ان توحيد الكلمة لا يعني عدم الاختلاف في التوجهات، وتعدد الاراء في العديد من الملفات، والقضايا الكبرى، فعملية صهر الجميع في بوتقة واحدة، من الصعوبة بمكان، خصوصا في ظل اختلافات النزعات بين البشر.
النوازع البشرية المتمثلة، في المصالح الشخصية، والرغبة في السيطرة، ومحاولة الانتقام، تمثل عوامل هامة، في افشال الخطط المرسومة، لزرع التلاحم في الكيان الواحد، فالبعض لا يتورع عن الاقدام، على مختلف الممارسات، في سبيل تحقيق الاهداف الشخصية، اذ يعمد للتحالف مع ”الشيطان“، في سبيل الوصول لتلك المآرب الخاصة، كما توجد شريحة تتحرك بغرض فرض السيطرة على الاخرين، مما يدفعها لانتهاج سياسة خاطئة، وغير شريفة، للتحكم برقاب الناس، فيما القسم الثالث، لا يجد غضاضة في التعاطي مع الاعداء، بدافع الانتقام، والحقد الاعمى، فهو يشعر بنوع من الحرمان من قبل المجتمع، سواء نتيجة الاعمال التي يمارسها، او بسبب عدم امتلاك المقومات الحقيقية، للبروز في المجتمع.
ثقافة التلاحم، تترجم من خلال الالتقاء، عند المصالح الكبرى للوطن، ومحاولة نبذ جميع محاولات الاختراق الخارجي، والاحتراب الداخلي، وبالتالي فان التحرك باتجاه رص الصفوف، سواء في الرخاء او الشدة، امر مطلوب، فالمجتمع الذي يتخلى عن الثوابت الكبرى، لا يستطيع الصمود امام التحديات، سواء الداخلية، او الخارجية، الامر الذي يفسر قدرة الاعداء، على احداث فجوات متعددة المقاسات، في جداران بعض المجتمعات البشرية، نظرا لافتقارها لاطار جامع، يحول دون تحقيق اختراقات ملموسة، في المجتمع الواحد.
ايجاد الارضية المناسبة، لزرع ثقافة التلاحم في الكيان الاجتماعي، مرتبط بالقناعات الفكرية، داخل افراد المجتمع وكذلك بوجود مفردات صارمة، تجرم العبث بالصف الواحد، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على الممارسة العملية، في مختلف الشرائح الاجتماعية، لذا فان الاحساس بالانتماء الصادق للمجتمع، يمثل احد العناصر الاساسية، في تثبيت اركان هذه الثقافة، لدى الفرد قبل الجماعة.
يستغل العدو المنطقة الرخوة، في المجتمع، لايجاد موطئ قدم في المجتمع المقابل، لذا فانه يسعى للضرب على تلك المنطقة، بشتى الوسائل، اذ يعمد لاستخدام الكلام المعسول، بالرغبة في المساعدة، لاستقطاب شرائح اجتماعية، للوقوف بجانبه، كما انه يتحرك باتجاه تقديم المغريات المالية، للحصول على التسهيلات، للدخول في المجتمع، والتعرف على الكثير من الملفات، سواء الحساسة، او الخطيرة، مما يجعله قادرا في نهاية المطاف، على وضع الخطط، لاحداث فوضى في الكيان الواحد.
التلاحم بمثابة حائط الصد الاساس في المجتمع، فالشرائح الاجتماعية قادرة على تدعيمه، بالمواقف الوطنية الصلبة، عبر استخدام جميع الطرق المفردات القادرة، على استقطاب جميع الافراد، لمساندة الجهود المبذولة، لرفض جميع الاغراءات، والتحركات المبذولة، من الاطراف الخارجية، خصوصا وان الفرد يمثل جزء اساسيا، في تشكيل القاعدة الاجتماعية، مما يستدعي الاهتمام بمختلف العناصر البشرية، فسقوط فرد واحد يؤثر سلبا، على متانة الجدار الاجتماعي الداخلي، وبالتالي عدم القدرة على الصمود، في وجه الضربات القادمة من الخارج.