التفتيش والرقابة في شراكة القطاع الخاص
قبل نحو ستة أعوام صدر قرار حكومي باستحداث 500 وظيفة مفتش ومراقب لوزارة التجارة، ولاحقا صدر أمر آخر باستحداث 600 وظيفة منها 500 للتفتيش والرقابة لحماية المستهلك و100 لإدارة الشركات. وزارة البلديات لديها جهاز كبير للتفتيش، وكذلك وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة ووزارة الإعلام والثقافة وبالتأكيد هناك وزارات وهيئات تمتلك كذلك إدارات للتفتيش. قبل أيام تمت مناقشة موضوع في إحدى حلقات قناة تلفزيونية عن قضايا الرقابة والتفتيش، وتمت استضافة مسؤولين في عدد من الأجهزة الحكومية للحديث عن أدوارهم، والتداخل بين عملهم، ومدى فاعلية تلك الأجهزة. وفي الحلقة تحدثت كل جهة عن الدور المهم الذي تقوم به، وأوضحوا أن هناك قصورا في الأنظمة بسبب تقادمها وضعف الجزاءات للمخالفين فيها. مع اتفاق الجميع من أعلى الهرم على قِدم الأنظمة وحاجتها إلى التطوير، وصدر أمر ملكي قبل سنوات بوجوب العمل على تطوير الأنظمة خلال فترة محددة، ولكن لم يتم استكمال ذلك.
قبل فترة حدثني مستثمر أجنبي عن جودة الآليات والأنظمة في هيئة الغذاء والدواء وتطورها مقارنة بكثير من الدول التي يعملون فيها، وتميز استخدامهم للأتمتة في إدارة عملهم، والمهنية الكبيرة التي يتميزون بها. كثير منا زار لندن ورأى مدى جدية والتزام تطبيق أنظمة المرور من قبلهم، التي تنفذ عن طريق القطاع الخاص. اليوم ومع كثرة أجهزة وإدارات التفتيش وتداخل عملها مع المستفيدين ذاتهم، ما يوجِد تضاربا في أداء العمل بمهنية للجهات نفسها وللمتعاملين معها، وفي ظل توجه ”رؤية 2030“ لشراكة ودور أكبر للقطاع الخاص، ولكبر حجم المملكة جغرافيا وبعد المسافات، وخصوصا أن مساحة المملكة أكبر من أوروبا الغربية، أقترح إنشاء شركات في مختلف مناطق المملكة بالشراكة مع القطاع الخاص، لتؤهل وتوظف شبابا للتفتيش والرقابة كجهات مستقلة، تحقق كل متطلبات الوزارات والجهات الحكومية، وتقوم بالمهمة، وتكون هناك جهات مستقلة للتحكيم في حالة الاختلاف، وبكل تأكيد يسبق ذلك إقرار أنظمة متطورة تعكس تطلعات الوطن قطاعا عاما وخاصا، لتحقيق الرقابة المنشودة بكل شفافية لكل الأنظمة التي يجب الالتزام بها.