آخر تحديث: 12 / 12 / 2024م - 11:54 ص

العنف في القطيف.. إلى أين؟!

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

الرصاصات التي وجهت إلى عضو المجلس البلدي السابق في القطيف، المهندس نبيه البراهيم، لم تكن طلقات طائشة، بل كانت فعل ”إرهاب“ موصوف، صوبت نحو ضحية محددة، مقصودة بعينها، لما لديها من مواقف اجتماعية وسياسية، يراها حملة السلاح خروجاً عن رأيهم الذي يرومون فرضه عبر ”العنف“ و”الإكراه“.

العنف الذي تمارسه مجاميع خارجة على القانون في القطيف وضواحيها، ليس المقصود منه التصفية الجسدية وحسب، بل منع أي صوت آخر أن تكون له وجهة نظر ناقدة ل ”العسكرة“ التي يسعون إلى فرضها على المجتمع. هو بالتحديد ”اغتصاب الآخر، اغتصاب شخصيته، وهويته“، كما يقول جون ميلير.

عملية الاعتداء المسلح على المهندس البراهيم، تبعها تهديد لشخصية دينية نشطة في مجابهة ”العنف“، وهو الشيخ جعفر الربح، المعروف بمواقفه العلنية التي تعزز من قيمة ”السلم الأهلي“، و”تُحرم استخدام السلاح ضد رجال الأمن والمواطنين“. وهو ليس التهديد الأول الذي يوجه إلى الربح - وفي رأيي - لن يكون الأخير.

لعدة مرات وفي أوقات سابقة تحدث مع أصدقاء عن خطورة الوضع الأمني، ودقة وحسياسية المرحلة، وأبديت خشيتي على المهندس البراهيم، خصوصاً أنه تعرض ومصالح تابعة له ولعائلته، لأكثر من اعتداء مادي سابق.

السلاح الذي يشهر في وجه المواطنين ورجال الأمن في القطيف، لن يقود لتحقيق أي هدف سياسي أو اجتماعي أو تنموي أو حقوقي، بل سيعمل على تهديد السلم الأهلي، ويخلق حالاً من الفوضى تستغلها الخلايا ”الإرهابية“، لتقوض أي جهود إصلاحية أو تحديثية.

على طريقة السياسي اللبناني وليد جنبلاط، يمكن أن نسأل الجماعات العنيفة: السلاح إلى أين؟.

لا أعتقد أن هنالك جواباً واضحاً أو ناجزاً لدى هذه المجاميع ”العبثية“، والتي باتت عبئاً على المجتمع في القطيف، وصار ينظر إلى ممارساتها ك ”فعل إرهاب“، حالها حال غيرها من المجاميع ”المتطرفة“، مثل ”داعش“ و”القاعدة“.

إن العنف ليس مشكلة قطيفية خاصة، بل هو سلوك عانت منه بعض مدن المملكة التي ينشط فيها ”المتطرفون“ على اختلاف مذاهبهم وانتماءاتهم الفكرية والمناطقية، والذين يجمعهم هدف واحد، وهو تقويض سلطة الدولة وتهديد كيانها.

مشكلة العنف في محافظة القطيف وتحديداً بلدة ”العوامية“، ليست بالموضوع المستحيل حله. لكنها تحتاج إلى سعي جدي وتعاون بين الأهالي ومؤسسات المجتمع المدني والجهات الرسمية. وذلك لوضع خطة عمل تعالج المشكلة من جميع جوانبها حتى لا يعود ”التطرف“ إلى السطح من جديد.