ثقافة الفرص
تختلف طريقة استغلال الفرص من شخص لآخر، فهناك من يحاول التعاطي بإيجابية، مع الفرص لتحويلها الى رصيد، في دعم مسيرته الحياتية، سواء على الصعيد الشخصي او النتاج الفكري، الامر الذي ينعكس بشكل مباشر على مواقفه، بمختلف القضايا سواء الاجتماعية، او الاسرية، او غيرها من الملفات اليومية، اذ ينطلق من قاعدة ”ذهاب الفرصة غصة“ و”تساوى يوماه فهو مغبون.“
عملية التعاطي مع الفرص، امر ضروري لتجاوز الندم، وتفادي الخروج صفر اليدين، الامر الذي يفسر الاختلاف الحاصل بين البشر، فالبعض لا يحسن التحرك في الوقت المناسب، فيما الاخر يستثمر الفرص، بما يعود عليه بالفائدة المرجوة، سواء على التجاري او الشخص، مما ينعكس على التفاوت الشاسع بين الأفراد، في مختلف المجتمعات، وخلال العصور السالفة والقرون القادمة.
الفرص بمثابة كنز ثمين، بيد اكتشاف تلك الكنوز يتطلب مؤهلات، وقدرات خاصة، فالبعض يصعب عليه تحويل التراب الذهب، فيما الصنف الاخر يحيل أنصاف الفرص الى مشاريع ناجحة، وقادرة على الصمود في التيارات العاتية، بينما القسم الثالث يخلق الفرص دون انتظارها، فهو دائم البحث عن الجديد في سبيل مسابقة الزمن، والتفكير لمرحلة زمنية قادمة، مما يجعله محط الأنظار في جميع المحطات الزمنية.
الفرصة التي لا تجد من يقتنصها، على الوجه الأكمل تذهب الى غير رجعة، فاليوم الذي يمضي لا يعود على الاطلاق، وبالتالي فان محاولة استثمار الفرص الحياتية، مرتبط بطريقة التفكير لدى الفرد نفسه، فالمرء يطير بهمته كما يصير الطائر بجناحيه، فكلما حلق الانسان عاليا، كلما استطاع الإمساك بزمام الأمور قبل غيره، خصوصا وان هناك من ينتظر الفرص تأتي اليه، فيما الآخرون يتحركون لاصطياد الفرص، قبل الآخرين، الامر الذي يجعل هذه الشريحة مميزة على الدوام.
الفرص تمر مر السحاب، بمعنى اخر، فان عملية استثمار الفرص، يحتاج الى عيون قادرة على رؤية، ما يخفى على الآخرين او غير القادرين على معرفته الحقيقية، فهناك شرائح تدوس على الكنوز يوميا، دون الالتفات قيمتها، او أهميتها سواء الصعيد الشخصي، او الاجتماعي، والثقافي، بينما تبادر شرائح لاستخراج تلك الكنوز، منذ الوهلة الاولى، الامر الذي يحدث الفرق بين الطرفين، بحيث يبقى الاول تحت الحفر، دون القدرة على الوصول، الى قمة الجبل، بينما الاخر يبتكر الأدوات اللازمة، لتجاوز العراقيل الطبيعية، لتسلق الصخور، والجلوس على القمة، مما يجعله قادرًا على الاستحواذ، على الجزء الأكبر من الكنوز، واحتلال المواقع المتقدمة دون منازع.
تكريس اقتناص الفرص لدى الفرد، يأتي في الدرجة الاولى من المبادرات الذاتية، ومحاولة التمايز عن الآخرين، فالإنسان بإمكانه تحطيم جميع الحواجز، التي تعترض طريقه، او تحط من همته، خصوصا وان هناك شرائح اجتماعية، تحاول وضع العصا في العربة، لعرقلة النجاحات التي يحققها البعض، سواء من خلال التشكيك في القدرة على تحقيق الأحلام، او محاولة التقليل من الإنجازات، فهذه النوعية من البشر يضيق صدرها، من نجاحات أصحاب المبادرات، ومستثمري الفرص، لا سيما وان فتح الطريق امام أصحاب الفرص، يعني التمايز والتربع على القمة، مما يدفع تلك الأطراف، لاستخدام جميع الأساليب، لعرقلة المسيرة الناجحة ومحاولة نصب الأفخاخ في الطريق، لإدخال اليأس في نفوس أصحاب، المبادرات والفرص.