التنمية ومخرجات التعليم
لا جدال أنه حدثت تغييرات ومنجزات مهمة على صعيد مكونات اقتصادنا الوطني، غير أنه ما زال يعتبر اقتصادا أحادي الجانب يحتل فيه البترول ومشتقاته حصة الأسد على صعيد موارد الدولة والتصدير والدخل الإجمالي.
وقد يكون هذا ضروريا في البداية، إذ ينبغي الاستفادة من الميزة النسبية لموردنا الاقتصادي الأول في توليد منتجات إضافية ذات قيمة مضافة عالية، لكن من المهم العمل على خلق إمكانات وقدرات اقتصادية جديدة متعددة ومتنوعة.
من جهة أخرى، رغم تحقيق خطوات مهمة على صعيد تنمية الموارد البشرية نذكر منها وجود أكثر 5.5 ملايين طالب وطالبة في مراحل التعليم العام وحوالي 900000 طالب وطالبة في جميع مؤسسات التعليم العالي، إلى جانب ما يزيد على 140000 ألف طالب مبتعث، وارتفاع عدد الجامعات إلى 24 جامعة حكومية و8 جامعات أهلية، وانخفاض نسبة الأمية إلى 11 في المائة للذكور و21 في المائة للإناث، غير أن مخرجات التعليم لا تزال قاصرة على الصعيد النوعي، فنسبة المباني المستأجرة وفقا لتقرير وزارة التربية والتعليم لا تزال مرتفعة مع أنها انخفضت بشكل ملموس مقارنة بالسابق، حيث تصل في الوقت الحاضر إلى 35 في المائة للبنين و40 في المائة للبنات، كما أن نوعية التعليم «مناهج وطرق تدريس وتجهيزات وتدريب» في حاجة للتطوير والتجديد، نظرا لعدم مواكبتها لتطور منظومة التعليم الحديث في العالم، أو مواءمتها لاحتياجات السوق، خصوصا القطاع الخاص، إذ تظهر إحصاءات وزارة التعليم العالي الصادرة في عام 2014 تفوقاً واضحاً لعدد الطلبة الملتحقين ببرامج الدراسات الإسلامية والإنسانية والإدارية بثلاثة أضعاف التخصصات المعلوماتية والفيزيائية والرياضيات، كما أن جامعة الإمام محمد بن سعود تفوقت على باقي الجامعات في إتاحة الفرصة لنحو 15 ألف طالب للحصول على درجات الدراسات العليا.
وأوضح إحصاء وزارة التعليم العالي أن الملتحقين ببرامج الدراسات الإسلامية 220666 طالباً، تخرج منهم العام 2013 نحو 18694، في حين احتلت التخصصات النظرية في التجارة والإدارة الوجهة الأولى ل331 ألف طالب، تلتها الدراسات الإنسانية ب275 ألف طالب.
وطبقاً لإحصاء الوزارة توجّه 117 ألف طالب في الجامعات السعودية إلى التخصصات المعلوماتية، ويقل العدد إلى 77 ألفاً تخصصوا في العلوم الفيزيائية، فيما تخصص 34 ألف طالب في الرياضيات والإحصاء.
وهذا أحد الأسباب «مع أنه ليس العامل الرئيس» في تذرع القطاع الخاص بكون نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص متدنية، ووفقا لما ذكره أحمد الحميدان، نائب وزير العمل، إن السعوديين لا يسيطرون إلا على 16 في المائة فقط من إجمالي وظائف سوق العمل في القطاع الخاص، ومع تضاعف أعداد النساء السعوديات العاملات في القطاع الخاص في السنوات الأخيرة إلى أن نسبتهم لا تزال ضئيلة جدا مقارنة بالسعوديين الذكور أو بالنسبة لإجمالي العمالة في القطاع الخاص، وذلك في مقابل عمل السعوديين في مرافق ومؤسسات الدولة التي تصل إلى 84 في المائة.
كما أن هناك فجوة تقدر بنحو 160 ألفا من الشباب يتخرجون سنويا من الجامعات والتعليم التقني والفني، وبالتالي ينضمون إلى جيش الباحثين عن العمل.
استنادا لإحصاءات مصلحة الإحصاءات العامة فإن نسبة البطالة تقدر بنسبة 11.5 في المائة أي أكثر من 650 ألف عاطل، في حين أنه وفقا لحافز فقد بلغ عدد الباحثين الجادين عن العمل من المستفيدين لانطباق الشروط عليهم 1.9 مليون عاطل أكثر من 20 في المائة منهم جامعيين، أي أن نسبة البطالة وفقا لحافز 36 في المائة.
وضمن هذا السياق ذكر وزير العمل السابق دكتور مفرج الحقباني أن عدد العاملين الوافدين في القطاع الخاص 9 ملايين عامل، وبغض النظر عن تضارب هذه الإحصاءات إلا أنها تعكس الخطورة التي وصلت إليها البطالة التي لم تستطع خطط التنمية المتتالية إيجاد حلول عملية وعلمية لها، والمشكلة معرضة للتفاقم.
وبالتالي هناك مشروعية للاتهامات بالتقصير والمراوغة الموجهة إلى قطاع رجال الأعمال الذين يصرون على جلب العمالة الرخيصة الوافدة حتى لو كانت غير مؤهلة ومدربة، وكذلك لتجار التأشيرات «مافيا التأشيرات» والعمالة السائبة بأنهم المسؤولون عن تفاقم مشكلة البطالة في المقام الأول.